ذلك دفعة واحدة، ففديته واحدة؛ لأن الكل محظور فأشبه اللبس في رأسه وبدنه. وإن كرر محظوراً واحداً فلبس ثم لبس، أو تطيب ثم تطيب، أو حلق ثم حلق، ففدية واحدة، ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني.
وعنه: إن فعله لأسباب، مثل من لبس أول النهار للبرد، ووسطه للحر، وآخره للمرض ففديات؛ لأن أسبابه مختلفة، فأشبه الأجناس المختلفة، والأول أولى؛ لأن الحكم يتعلق بالمحظور لا بسببه، فأشبه الحالف بالله ثلاثة أيمان، على شيء واحد؛ لأسباب مختلفة، وقليل اللبس والطيب وكثيره سواء، وحكم كفارة الوطء في التداخل مثل ما ذكرنا؛ لأنها ليست ضماناً.
فأما جزاء الصيد، فلا تداخل فيه، وكلما قتل صيداً حكم عليه.
وعنه: أنه يتداخل، كسائر الكفارات.
وعنه: لا يجب الجزاء، إلا في المرة الأولى؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] ولم يذكر جزاء، والأول المذهب؛ لقول الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] . وهذا يقتضي كل قاتل، ومثل الصيدين، أكثر من مثل واحد، ولأنه ضمان مال يختلف باختلافه فوجب في كل مرة، كضمان مال الآدمي.
قال أحمد: روي عن عمر وغيره أنهم حكموا في الخطأ، وفيمن قتل ولم يسألوه، هل كان قتل قبل هذا أم لا؟ .
فصل:
وإذا وطئ المحرم، في الفرج، في الحج، قبل التحلل الأول، فعليه بدنة؛ لأن ذلك يروى عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وسواء كان الفرج قبلاً أو دبراً، من آدمي أو من بهيمة؛ لأنه وطء في فرج، أشبه وطء الآدمية، وإن وطئت المحرمة مطاوعة، فعليها بدنة؛ لأنها أفسدت حجها بالجماع فوجبت عليها البدنة كالرجل، وإن وطئ الرجل محرمة مطاوعة، فعلى كل واحد منهما بدنة لأن ابن عباس قال للمجامع: اهد ناقة، ولتهد ناقة، ولأنه إفساد حج شخصين فأوجبت بدنتين كالوطء من رجلين.
وعنه: يجزئهما هدي واحد؛ لأنه جماع واحد، فأشبه ما لو أكرهها، فإن وطئها نائمة، أو مكرهة، ففيها روايتان: