عبد الله: أيما أحب إليك الإحرام في دبر الصلاة أو إذا استوت به ناقته؟ فقال: كل قد جاء، في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به ناقته، فوسع فيه كله.

والمشهور الأول؛ لما روى سعيد بن جبير قال: ذكرت لابن عباس إهلال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «أوجب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين فرغ من صلاته ثم خرج، فلما ركب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راحلته واستوت به قائمة أهل، فأدرك ذلك منه قوم فقالوا: أهل حين استوت به راحلته، وذلك أنهم لم يدركوا إلا ذلك، ثم سار حتى علا البيداء فأهل، فأدرك ذلك منه قوم فقالوا: أهل حين علا البيداء» رواه أبو داود، وهذا فيه فضل بيان وزيادة علم، فيتعين الأخذ به، وتقديمه على ما خالفه.

فصل:

وينوي الإحرام بقلبه، ولا ينعقد من غير نية؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات» ولأنها عبادة محضة فافتقرت إلى النية كالصلاة، فإن لبى من غير نية لم يصر محرماً، وإن نوى الإحرام من غير تلبية، انعقد إحرامه؛ لأنه عبادة لا يجب النطق في آخرها فلم يجب في أولها كالصوم، فإن نوى إحراماً فسبق لسانه إلى غيره، انعقد إحرامه بما نواه، دون ما نطق به؛ لأن النية هي الإحرام، فاعتبرت دون النطق.

فصل:

ويستحب أن ينطق بما أحرم به ويعينه، ويشترط فيه: أن محلي حيث يحبسني، فيقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني، فإن حبسني حابس فمحلي حيث يحبسني؛ لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج» . وعنها قالت: «دخل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ضباعة بنت الزبير فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» متفق عليهما. ويفيد هذا الشرط شيئين:

أحدهما: أنه متى عاقه عائق من مرض أو غيره فله التحلل.

والثاني: أنه إذا حل لذلك فلا شيء عليه من دم ولا غيره، وغير هذا اللفظ مما يؤدي معناه يجري مجراه، قال ابن مسعود: اللهم إني أريد العمرة إن تيسرت لي وإلا فلا حرج علي. لأن المقصود المعنى، وإنما اعتبر اللفظ لتأديته له.

فصل:

ويجوز الإحرام بنسك مطلق وله صرفه إلى أيها شاء، وإن أحرم بمثل ما أحرم به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015