فصل:
وأما قراءة القرآن وتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ومذاكرتهم وكتابة العلم فحكي فيه روايتان:
إحداهما: يستحب، اختارها أبو الخطاب؛ لأن ذلك أفضل العبادات لتعدي نفعه، ويمكن فعله في المسجد فكان مستحباً له كالصلاة.
والثانية: لا يستحب وهو ظاهر المذهب؛ لأن الاعتكاف عبادة شرط لها المسجد، فلم يستحب ذلك فيها كالطواف والصلاة. وعلى هذه الرواية فعله لهذه الأمور أفضل من اعتكافه الشاغل عنها. قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن رجلاً يقرئ في المسجد يريد أن يعتكف لعله أن يختم في كل يوم؟ فقال: إذا فعل هذا كان لنفسه، وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره، يقرئ أحب إلي.
فصل:
ومن اعتكف العشر الأخير من رمضان استحب أن يبيت ليلة الفطر في معتكفه، ثم يخرج من المصلى في ثياب اعتكافه؛ لأن أبا قلابة وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا مجلز والمطلب بن حنطب وإبراهيم النخعي كانوا يستحبون ذلك، ولأنها ليلة تتلو العشر ورد الشرع بالترغيب في قيامها والعبادة فيها، فأشبهت ليالي العشر، والله سبحانه وتعالى أعلم.