لغني ولا لقوي مكتسب» ، وقوله: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي» وهذا حديث حسن. وفي ضابطه روايتان: إحداهما: أنه الكفاية على الدوام، إما بصناعة أو مكسب أو أجرة أو نحوه. اختارها أبو الخطاب وابن شهاب، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث قبيصة: «فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو سدادا من عيش» مد إباحة المسألة إلى حصول الكفاية، ولأن الغنى ضد الحاجة وهي تذهب بالكفاية، وتوجد مع عدمها.

والثانية: أنه الكفاية أو ملك خمسين درهماً أو قيمتها من الذهب، لما روى ابن مسعود قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشاً أو خدوشاً أو كدوحاً في وجهه، فقيل: يا رسول الله ما الغنى؟ قال: خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب» . قال الترمذي: هذا حديث حسن. فعلى هذه الرواية: إن كان له عيال فله أن يأخذ لكل واحد من عياله خمسين، نص عليه. ولو ملك عروضاً تكثر قيمتها لا تقوم بكفايته؛ جاز الأخذ رواية واحدة، وإذا كان للمرأة زوج غني فهي غنية؛ لأن كفايتها واجبة عليه وجوباً متأكداً، فأما من تجب نفقته على نفسه فله الأخذ من الزكاة؛ لأن استحقاقه للنفقة مشروط بفقره، فيلزم من وجوبها له وجود الفقر، بخلاف نفقة الزوجة، ولأن وجوبها بطريق الصلة والمواساة بخلاف غيرها.

السادس: من تلزمه مؤنته: كزوجته ووالديه وإن علوا، وأولاده وإن سفلوا، الوارث منهم وغيره، ولا يجوز الدفع إليهم؛ لأن في دفعها إليهم إغناء لهم عن نفسه، فكأنه صرفها إلى نفسه، وفيمن يرثه غير عمودي نسبه روايتان:

إحداهما: لا يدفع إليه؛ لأن الله تعالى أوجب نفقته عليه بقوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] .

والثانية: يجوز لأنه ممن تقبل شهادته له، فجاز الدفع إليه، كالأجانب فإن كان محجوباً عن ميراثه، أو من ذوي الأرحام جاز الدفع إليه، وإن كان شخصان يرث أحدهما صاحبه دون الآخر كالعمة مع ابن أخيها فللموروث دفع زكاته إلى الوارث؛ لأنه لا يرثه، وفي دفع الوارث زكاته إلى موروثه الروايتان. وهل للمرأة، دفع زكاتها إلى زوجها؟ على روايتين:

إحدهما: يجوز؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لزينب امرأة ابن مسعود: «زوجك وولدك أحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015