وفي للظرفية. فإن ملك نصاباً مضت عليه أحوال لم تؤد زكاته، وقلنا: هي في الذمة، لزمته الزكاة لما مضى من الأحوال؛ لأن النصاب لم ينقص، وإن قلنا: تتعلق بالعين لم يلزمه إلا زكاة واحدة؛ لأن الزكاة الأولى تعلقت بقدر الفرض فينقص النصاب في الحول الثاني، وهذا ظاهر المذهب، نقله الجماعة عن أحمد. فإن كان المال زائداً عن نصاب نقص منه كل حول بقدر الفرض، ووجبت الزكاة فيما بقي، فإن ملك خمساً من الإبل لزمه لكل حول شاة؛ لأن الفرض يجب من غيرها فلا يمكن تعلقه بعينها. وإن ملك خمساً وعشرين من الإبل فعليه للحول الأول ابنة مخاض، وفيما بعد ذلك لكل حول أربع شياه.
فصل:
وتجب الزكاة في خمسة أنواع:
أحدها: المواشي. ولها ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون من بهيمة الأنعام؛ لأن الخبر ورد فيها وغيرها لا يساويها في كثرة نمائها ونفعها ودرّها ونسلها واحتملت المواساة منها دون غيرها، ولا زكاة في الخيل والبغال والحمير والرقيق؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» متفق عليه. ولأنه لا يطلب درها، ولا تقتنى في الغالب إلا للزينة، والاستعمال، لا للنماء ولا زكاة في الوحوش لذلك، وعنه في بقر الوحش الزكاة، لدخولها في اسم البقر، والأول أولى؛ لأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر، ولا تجوز التضحية بها، ولا تقتنى لنماء ولا دَرّ، فأشبهت الظباء.
وما تولد بين الوحشي والأهلي فقال أصحابنا: فيه الزكاة تغليباً للإيجاب، والأولى أن لا تجب؛ لأنها لا تقتنى للنماء والدر، أشبهت الوحشية، ولأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر والغنم.
فصل:
الشرط الثاني: الحول؛ لأن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - روى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود؛ ولأن الزكاة إنما تجب في مال نَامٍ فيعتبر له حول يكمل النماء فيه، وتحصل الفائدة منه، فيواسي من نمائه. فإن هلك النصاب، أو واحدة منه في الحول، أو باعها، انقطع، ثم إن نتجت له أخرى مكانها، أو رجع إليه باع، استأنف الحول، سواء ردت إليه ببيع أو إقالة أو