فصل:
ولا يجوز الدفن في الساعات المذكورة في حديث عقبة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» . رواه مسلم. ويجوز الدفن في سائر الأوقات ليلاً ونهاراً؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفن ليلاً، ودفن ذا البجادين ليلاً. والدفن في النهار أولى؛ لأنه روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه زجر عن الدفن ليلاً. رواه مسلم. ولأن النهار أمكن وأسهل على مشيعيها، وأكثر لمتبعيها.
فصل:
وإذا ماتت ذمية حامل من مسلم لم تدفن في مقبرة المسلمين لكفرها، ولا تدفن في مقبرة الكفار لأن ولدها مسلم، وتدفن مفردة، ظهرها إلى القبلة لأن وجه الجنين إلى ظهرها. وإن ماتت امرأة حامل، وولدها يتحرك، ورجيت حياته، سطت عليه القوابل فأخرجنه، ولا يشق بطنها؛ لأن فيه هتكاً لحرمة متيقنة، لإبقاء حياة موهومة بعيدة، فإن لم يخرج تركت حتى يموت، ثم تدفن، ويحتمل أن يشق بطنها إن غلب على الظن أنه يحيا لأن حفظ حرمة الحي أولى. وإن بلع الميت جوهرة لغيره شق بطنه. وأخذت؛ لأن فيه تخليصاً له من مأثمها، ورداً لها إلى مالكها، ويحتمل أن يغرم قيمتها من تركته، ولا يتعرض له صيانة عن المثلة به، فإن لم يكن له تركة تعين شقه، فإن كانت الجوهرة له ففيه وجهان:
أحدهما: يشق بطنه لأنها للوارث فهي كجوهرة الأجنبي.
والثاني: لا يشق؛ لأنه استهلكها في حياته فلم يتعلق بها حق الوارث. وإن بلع مالاً يسيراً لم يشق بطنه، ويغرم القيمة من تركته. وإن وقع في القبر ما له قيمة نبش وأخذ؛ لأنه يمكن رده إلى صاحبه بغير ضرورة فوجب. وإن دفن الميت بغير غسل، أو إلى غير القبلة نبش، وغسل ووجه؛ لأن هذا مقدور على فعله فوجب، إلا أن يخاف عليه الفساد فلا ينبش؛ لأنه تعذر فسقط كما يسقط وضوء الحي لتعذره. وإن دفن قبل الصلاة عليه احتمل أن يكون حكمه كذلك؛ لأنه واجب فهو كغسله، واحتمل أن يصلى على القبر ولا تهتك حرمته لأنه عذر.
فصل:
سئل أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن تلقين الميت في قبره فقال: ما رأيت أحداً يفعله،