إحداهما: يصلى عليه، اختارها الخلال لما روى عقبة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف» . متفق عليه.

والثانية: لا يصلى عليه، وهي أصح، لما روى جابر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم» . رواه البخاري. وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد، بدليل أنه صلى عليهم بعد ثمان سنين، والخيرة في تكفين الشهداء إلى الولي، إن أحب زمله في ثيابه ونزع ما عليه من جلد أو سلاح. لما روى ابن عباس «أن رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد، وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم» . رواه أبو داود. وإن أحب نزع ثيابه وكفنه بغيرها؛ «لأن صفية أرسلت إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوبين ليكفن حمزة فيهما، فكفنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أحدهما، وكفن في الآخر رجلاً آخر» . قال يعقوب بن شيبة: هو صالح الإسناد، وإن حمل وبه رمق، أو أكل أو طالت حياته، غسل وصلي عليه؛ لأن سعد بن معاذ غسله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصلى عليه وكان شهيداً، وإن قتل وهو جنب غسل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم أحد: «ما بال حنظلة بن الراهب؟ إني رأيت الملائكة تغسله قالوا: إنه سمع الهائعة، فخرج ولم يغتسل» . رواه الطيالسي. وإن سقط من دابته، أو تردى من شاهق، أو وجد ميتاً لا أثر به، غسل وصلي عليه؛ لأنه ليس بقتيل الكفار، والذي لا أثر به يحتمل أنه مات حتف أنفه، فلا يسقط الغسل الواجب بالشك.

ومن عاد عليه سلاحه فقتله فهو كقتيل الكفار؛ لأن عامر بن الأكوع عاد عليه سيفه فقتله فلم يفرد عن الشهداء بحكم.

وقال القاضي: يغسل ويصلى عليه؛ لأنه ليس بقتيل الكفار، ومن قتل من أهل العدل في المعترك فحكمه حكم قتيل المشركين.

وأما أهل البغي فقال الخرقي، يغسلون ويصلى عليهم؛ لأنهم ليس لهم حكم الشهداء.

وأما المقتول ظلماً كقتيل اللصوص، والمقتول دون ماله ففيه روايتان:

إحداهما: يغسل ويصلى عليه؛ لأن ابن الزبير غسل وصلي عليه؛ لأنه ليس بشهيد المعترك أشبه المبطون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015