مع عبد الله يوم الجمعة، فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة ببعيد. ثم قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة» رواه ابن ماجه. ويستحب أن يأتيها ماشياً ليكون أعظم للأجر، وعليه سكينة ووقار، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تأتوا الصلاة وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة والوقار» ، متفق عليه. ويقارب بين خطاه لتكثر حسناته.
فصل:
ويستحب أن يغتسل ويتطيب، ويتنظف بقطع الشعر، وقص الظفر، وإزالة الرائحة، لما روى أبو سعيد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، ويمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى» رواه البخاري. وعنه: أن الغسل واجب، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك وأن يمس طيباً» رواه مسلم. والأول المذهب؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل الغسل أفضل» قال الترمذي: هذا حديث حسن، والخبر الأول أريد به تأكيد الاستحباب، ولذلك ذكر فيه السواك والطيب وليسا واجبين.
ووقت الغسل بعد الفجر لقوله: «يوم الجمعة» والأفضل فعله عند الرواح؛ لأنه أبلغ في المقصود. ولا يصح إلا بنيته؛ لأنه عبادة، فإن اغتسل للجمعة والجنابة أجزأه، وإن اغتسل للجنابة وحدها احتمل أن يجزئه، لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة» ، ولأن المقصود التنظيف وهو حاصل، واحتمل أن لا يجزئه لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وليس للمرء من عمله إلا ما نواه» .
فصل:
وإذا أتى المسجد كره له أن يتخطى الناس، لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ولم يفرق بين اثنين» إلا أن يكون إماماً ولا يجد طريقاً فلا بأس بالتخطي؛ لأنه موضع حاجة. ومن لم يجد موضعاً إلا فرجة، لا يصل إليها بتخطي الرجل والرجلين، فلا بأس. فإن