[باب الإقرار بالنسب]

إذا أقر رجل بنسب مجهول النسب يمكن كونه منه، وهو صغير، أو مجنون، ثبت نسبه منه؛ لأنه أقر له بحق، فثبت، كما لو أقر له بمال، فإن بلغ الصبي، وأفاق المجنون، وأنكر النسب، لم يسقط؛ لأنه نسب حكم بثبوته، فلم يسقط برده، كما لو قامت به بينة.

وإن كان المقر به بالغاً عاقلاً لم يثبت نسبه حتى يصدقه؛ لأن له فيه قولاً صحيحاً، فاعتبر تصديقه، كما لو أقر له بمال، وإن كان المقر به ميتاً، ثبت نسبه وإن كان بالغاً؛ لأنه لا قول له، أشبه المجنون.

ومتى ثبت نسب المقر له به، فرجع المقر عن الإقرار، لم يقبل رجوعه؛ لأنه حق لغيره، وإن صدقه المقر له في الرجوع، ففيه وجهان.

أحدهما: لا يسقط؛ لأن النسب إذا ثبت، لم يسقط بالاتفاق على نفيه، كالثابت بالفراش.

والثاني: يقبل؛ لأنهما اتفقا على الرجوع عن الإقرار، أشبه الرجوع عن الإقرار بالمال.

فصل

وإن أقر على أبيه أو غيره بنسب في حياته، لم يقبل إقراره؛ لأن إقرار الرجل على غيره غير مقبول، وإن أقر بعد موته وكان الميت قد نفاه، لم يثبت؛ لأنه يحمل على غيره نسباً قد حكم بنفيه، وإن لم يكن نفاه، ولكن المقر غير وارث، لم يقبل إقراره؛ لأنه لا يقبل إقراره في المال، فكذا في النسب، وإن كان وارثاً ومعه شريك في الميراث لم يثبت النسب بقوله؛ لأنه لا يثبت في حق شريكه، فوجب أن لا يثبت في حقه، وإن كان هو الوارث وحده، ثبت النسب بقوله، لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «اختصم سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في ابن وليدة زمعة، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي؛ وُلد على فراشه، وقال سعد: ابن أخي عهد إلي فيه أخي، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش» ، متفق عليه؛ ولأن الوارث يقوم مقام موروثه في حقوقه، وهذا من حقوقه، وإن كان المقر بنتاً واحدة، ثبت النسب بقولها؛ لأنها ترث المال كله بالفرض والرد، وإن خلف زوجة، فأقرت بابن لزوجها، فوافقها الإمام، ثبت نسبه، وإلا فلا.

وإن خلف ابنين عاقلاً، ومجنوناً، فأقر العاقل بأخ، لم يثبت النسب؛ لأنه لا يرث المال كله، فإن مات المجنون، وله وارث غير أخيه، لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015