والثاني: لا يعود إلا إلى التي تليه؛ لأن عوده إلى ما يليه متيقن، وما زاد مشكوك فيه، فلا يثبت بالشك، كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] .
فلو قال: علي أربعة وثلاثة، إلا درهمين، صح على الوجه الأول، وبطل على الثاني؛ لأنه استثناء الأكثر، فإن وجدت قرينة صارفة إلى أحد الاحتمالين، انصرف إليه، وكذلك إن عطف على المستثنى، مثل قوله: له علي عشرة إلا أربعة وثلاثة، ففيه وجهان: أحدهما: يصيران كجملة واحدة، فيبطل الاستثناء كله لزيادته على النصف.
والثاني: لا يصيران كجملة واحدة فيبطل الاستثناء الثاني وحده.
فصل
وإذا قال: له عندي تمر في جراب، أو سكين في قراب، أو دراهم في كيس، أو في صندوق، وثوب في منديل: وزيت في زق، وفص في خاتم، فقال ابن حامد: يكون مقراً بالمظروف وحده؛ لأن إقراره، لم يتناول الظرف، فيحتمل أنه أراد: في ظرف لي، وفيه وجه آخر: أنه يكون مقراً بالجميع؛ لأنه ذكره في سياق الإقرار، فكان مقراً به، كالمظروف، وقال: له عندي جراب فيه تمر، أو قراب فيه سكين، وسائر ما مثلنا، أو دابة عليه سرج، أو عبد عليه عمامة، فعلى الوجهين كما ذكرنا، وإن قال: له عندي ثوب مطرز، أو خاتم بفص، أو سرج مفضض، وأطلق، لزمه الثوب بتطريزه، والخاتم بفصه، والسرج بفضته؛ لأنه صفة له.
فصل
وإذا قال: له علي ألف درهم زيوف، أو ناقصة، أو مكسرة، أو إلى شهر، بكلام متصل، لزمه ما أقر به على صفته؛ لأنه إنما يلزمه بقوله، فأتبع قوله فيه، إلا أن يفسر الزيوف بما لا قيمة له، فلا يقبل؛ لأنه أثبت في ذمته شيئاً، وما لا قيمة له لا يثبت في الذمة، وذكر أبو الخطاب: احتمالاً في أنه لا يقبل قوله: مؤجلة؛ لأن التأجيل يمنع استيفاء الحق في الحال، والمذهب: أنه يقبل؛ لأنه يحتمل ما قاله، فوجب اتباعه، كما لو قال: ناقصة، فأما إن سكت سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ثم وصفها بشيء من هذه الصفات، لم يقبل، ولزمه ألف جياد وازنة صحاح حالة؛ لأن إطلاقها يقتضي ذلك، بدليل ما لو باعه: بألف درهم وأطلق، فإنها تلزمه كذلك: فإذا سكت، استقرت في ذمته