فصل
ويصح الإقرار لكل من يثبت له الحق المقر به، فإن أقر لعبد بالنكاح، أو القصاص، أو تعزير القذف، صح الإقرار به وإن كذبه المولى؛ لأن الحق له دون المولى، وإن أقر له بمال، فالإقرار لمولاه، يلزم بتصديقه، ويبطل برده؛ لأن يد العبد كيد سيده، وإن أقر لبهيمة لم يصح، ولم يكن لمالكها، لأن البهيمة لا تملك ولا لها أهلية الملك، وإن أقر لحمل بمال، وعزاه إلى إرث، أو وصية، صح؛ لأنه يملك بهما، وإن لم يعزه، فقال ابن حامد: يصح أيضاً؛ لأنه يجوز أن يملك بوجه صحيح، فصح له الإقرار المطلق، كالطفل، وقال أبو الحسن التميمي: لا يصح؛ لأنه لا يثبت له الملك بغيرهما، فعلى قول ابن حامد: إن ولدت ذكراً وأنثى، كان بينهما نصفين؛ لأنه شرك بينهما في الإقرار، فأشبه ما لو أقر لهما بعد الولادة، وإن قال: لهذا الحمل علي ألف أقرضتها، فقياس المذهب، صحة إقراره؛ لأنه وصله بما يسقطه، فسقطت الصلة دون الإقرار، كما لو قال: له علي ألف لا يلزمني، وإن قال: أقرضني ألفاً، لم يصح؛ لأن القرض إذا سقط، لم يبق شيء يصح به الإقرار، ومتى أقر لحمل بمال وعزاه إلى وصية، فخرج الطفل ميتاً، عاد إلى ورثة الموصي، وإن عزاه إلى إرث، عاد إلى شركائه في الميراث، وإن أطلق، كلف ذكر السبب ليعمل به، فإن مات قبل التفسير، بطل الإقرار، كالمقر لرجل لا يعرف مراد إقراره، وإن أقر لمسجد، أو مصنع وعزاه إلى سبب صحيح، من غلة وقفه ونحوه صح، وإن أطلق، فيه وجهان بناء على ما تقدم.
فصل
ومن أقر لرجل بمال في يده وكذبه المقر له، بطل إقراره له؛ لأنه لا يقبل قوله عليه في ثبوت ملكه، ويقر المال في يد المقر في أحد الوجهين؛ لأنه كان في يده، فإذا بطل إقراره، بقي كأنه لم يقر به، وفي الآخر يأخذه الإمام، فيحفظه حتى يظهر مالكه؛ لأنه بإقراره خرج عن ملكه، ولم يدخل في ملك المقر له، وكل واحد منهما ينكر ملكه، فهو كالمال الضائع، فإن ادعاه ثالث، فأقر له المقر له، صح؛ لأنه صار بمنزلة صاحب اليد.
فصل
إذا قال: لي عليك ألف، فقال: نعم، أو أجل أو صدقت، أو إي لعمري، كان مقراً بها؛ لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق، وإن قال: أعطني عبدي هذا، أو اقضني الألف التي لي عليك، فقال: نعم، كان مقراً؛ لأنه تصديق، وإن قال: أنا مقر بدعواك، كان مقراً؛ لأنه صدقه، وإن لم يقل: بدعواك، ففيه وجهان: