النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه سعيد، ولأنه قول أكره عليه بغير حق، فلم يصح كالبيع.
وإذا ادعى أنه أقر مكرهاً، لم يقبل إلا ببينة؛ لأن الأصل السلامة.
فإذا ثبت أنه كان مقيداً، أو محبوساً، أو موكلاً به، فالقول قوله مع يمينه؛ لأن هذه دلالة الإكراه، وإن ادعى أنه كان زائل العقل، لم يقبل إلا ببينة؛ لأن الأصل السلامة، فإن أكره على الإقرار بشيء، فأقر بغيره، لزمه إقراره؛ لأنه غير مكره على ما أقر به، وكذلك إن أكره على الإقرار لإنسان، فأقر لغيره، ولا يصح إقرار الصبي المحجور عليه، وإن كان عاقلاً؛ لأنه لا يصح بيعه، وإن كان العاقل مأذوناً له في التجارة، جاز إقراره فيما أذن له فيه، وقال أبو بكر: لا يصح إقراره إلا في الشيء اليسير، والأول أصح؛ لأنه يصح تصرفه فيه، فصح إقراره به كالبالغ.
فصل
ويصح إقرار العبد بالحد والقصاص فيما دون النفس؛ لأن الحق له، دون مولاه، ولأن إقرار مولاه عليه به لا يصح، فلو لم يقبل إقراره به لتعطل، وأما القصاص في النفس، فظاهر قول الخرقي أنه يصح إقراره به، وهو اختيار أبي الخطاب كذلك.
وعن أحمد: أنه لا يصح إقراره به؛ لأنه يسقط به حق سيده، أشبه الإقرار بقتل الخطأ، ولأنه متهم في أن يقر لمن يعفو على مال، فتستحق رقبته ليتخلص من سيده، ولا يقبل إقراره بجناية الخطأ، ولا بعمد موجبه المال؛ لأنه إيجاب حق في رقبة مملوكة لمولاه، فلم يقبل كإقراره على عبد سواه، ويقبل إقرار المولى عليه بذلك؛ لأنه يقر بحق في ماله، فأشبه ما لو أقر لرجل بملك العبد، ولا يقبل إقراره عليه بحد ولا قصاص؛ لأنه لا يملك منه إلا المال، لكن إن أقر عليه بقصاص قبل إقراره فيما يتعلق بالمال، فيملك المقر له مطالبته بالمال؛ لأنه أقر بما يضمن وجوب المال، فلزمه، كما لو أقر الموسر بعتق نصيبه من العبد المشترك، وإن أقر العبد المشترك بسرقة موجبها المال، لم يقبل، ويقبل إقرار المولى عليه لذلك، وإن كان موجبها القطع دون المال، قبل إقرار العبد بها دون المولى، وإن كان موجبها القطع والمال، فأقر بها العبد، وجب قطعه دون المال، سواء كان في يده أو يد سيده، باقياً، أو تالفاً، لما تقدم وإن أقر العبد غير المأذون له بدين، لم يقبل، ويتعلق بذمته، يتبع به بعد العتق، وإن أقر المأذون له قبل إقراره في دين المعاملة في قدر ما أذن له فيه، وإن أقر بقرض أو أرش جناية، لم يقبل؛ لأنه أقر بغير مأذون له فيه، فلم يقبل، كغير المأذون له.
وإن حجر السيد عليه، ثم أقر بدين، لم يقبل؛ لأنه محجور عليه بالرق، فلم