إذا ادعى ألفين على رجل فشهد له شاهد بهما، وشهد له آخر بألف، ثبت له الألف بشهادتهما، لاتفاقهما، ويحلف مع شاهده على الألف الآخر؛ لأن له بها شاهداً، وسواء شهدت البينة، بإقرار الخصم، أو ثبوت الحق عليه، وسواء ادعى ألفاً، أو أقل منه؛ لأنه يجوز أن يكون له حق فيدعي بعضه، ويجوز أن لا يعلم أن له من يشهد له بجميعه والله أعلم.
فصل
وإن شهد اثنان أنه زنى بها في بيت، وشهد آخران أنه زنى بها في بيت آخر، أو شهد اثنان أنه زنى بها غدوة، وشهد اثنان أنه زنى بها عشياً، فهم قذفة، وعليهم الحد، وقال أبو بكر: تكمل شهادتهم، ويحد المشهود عليه، وحكاه عن أحمد؛ لأنه قد شهد عليه أربعة بالزنا، فيدخل في عموم قوله سبحانه: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15] ، والأول المذهب؛ لأنه لم يشهد الأربعة على فعل واحد، فأشبه ما لو شهد اثنان على رجل أنه زنا بامرأة، وشهد اثنان أنه زنا بامرأة أخرى، فيلزم الشهود الحد، دون المشهود عليه، وإن شهد اثنان أنه زنا بها في هذه الزاوية، واثنان أنه زنا بها في الزاوية الأخرى، وهما متباعدتان، فكذلك؛ لأنهما فعلان، وإن كانتا متقاربتين، كملت الشهادة؛ لأنه أمكن صدقهم، بأن تكون كل بينة نسبية إلى إحدى الروايتين، لقربه منهما.
وإن شهد اثنان، أنه زنا بها مطاوعة، واثنان أنه زنا بها مكرهة، فلا حد على المرأة، ولا على الرجل؛ لأن الشهادة لم تكمل على واحد من الفعلين، فإن زنا المكرهة غير الزنا من المطاوعة، فأشبهت التي قبلها هذا قول أبي بكر والقاضي، واختار أبو الخطاب: أن الحد يجب على الرجل دون المرأة لاتفاق الأربعة على الشهادة بزناه، ولا حد على الشهود في قوله لكمالها، وعلى قول أبي بكر: فيهم وجهان: أحدهما: عليهم الحد؛ لأن البينة لم تكمل على فعل واحد، أشبه ما لو اختلفوا في البيت.
والآخر أن الحد على شهود المطاوعة؛ لأنهم قذفوا المرأة، ولم تكمل البينة عليها.
فصل
وإن شهد أحدهما أنه قتله عمداً، وشهد الآخر أنه قتله خطأ، ثبت القتل، لاتفاقهما