- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، ابنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وزوج علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وأن نافعاً مولى ابن عمر، وأنهم قد ماتوا، ونعلم ذلك يقيناً، ولم نشاهده، قال مالك: ليس عندنا أحد يشهد على أجناس أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا على السماع، ولأن هذه الأمور، يتعذر في الغالب معرفة أسبابها، ويحصل العلم فيها بالاستفاضة، فجاز أن يشهد عليها بها، كالنسب، وظاهر كلام أحمد والخرقي، أنه لا يشهد بذلك، حتى يسمعه من عدد كثير يحصل له به العلم؛ لأن الشهادة لا تجوز إلا على ما علمه، وقال القاضي: يكفي أن يسمع من عدلين يسكن قلبه إلى خبرهما، فإن الحق يثبت بقول اثنين، فإن سمع رجلاً يقر بنسب أب، أو ابن، وصدقة المقر به، جاز أن يشهد به؛ لأنها شهادة على إقرار، وإن سكت، شهد به أيضاً؛ لأن السكوت في النسب إقرار به، بدليل أن من بشر بولد فسكت، كان مقراً به، ويحتمل أن لا يشهد به حتى يكرر؛ لأن السكوت محتمل، فاعتبر له التكرار، ليزول الاحتمال، وإن كذبه المقر به، لم يشهد به.
فصل
وإن سمع إنساناً يقر بحق، جاز أن يشهد عليه، وإن لم يقل له: اشهد علي؛ لأنه سمع إقراره يقيناً، فجاز أن يشهد به، كما يشهد على الفعل برؤيته، وعنه: لا يشهد حتى يستدعيه المقر ذلك، فيقول: اشهد علي، قياساً على الشهادة، وعنه: إن سمعه يقر بالدين، شهد عليه؛ لأنه معترف بثبوته، وإن سمعه يقر بسببه، كالقرض ونحوه، لم يشهد به؛ لأنه يجوز أن يكون قد وفاه، وعنه: يجوز أن يشهد بما سمعه، ولا يجب أداؤه حتى يقول له: اشهد علي، فإذا قاله، وجب عليه الأداء، إذا دعي لقول الله تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] ، قال: إذا أشهدوا، والأول المذهب؛ لأنه يشهد بما سمعه يقيناً، فأشبه الشهادة بالاستفاضة، وفارق الشهادة على الشهادة؛ لأنها ضعيفة، فاعتبر تقويتها، بالاستدعاء.
فصل
ومن رأى في يد إنسان شيئاً مدة يسيرة، لم يجز أن يشهد له بالملك؛ لأن ملك غيره قد يكون في يده، ويجوز أن يشهد له باليد؛ لأنه شاهدها، وإن رآه في يده مدة طويلة يتصرف فيه تصرف الملاك، من النقص، والبناء، والسكنى، والاستغلال ونحوه، جاز أن يشهد له بالملك في قول ابن حامد؛ لأن اليد دليل الملك، واستمرارها من غير منازع يقويها، فجرت مجرى الاستفاضة، ويحتمل أن لا يشهد له إلا باليد؛ لأن اليد قد