شهادته له، لم تقبل عليه، كغير العدل، والمذهب الأول كما ذكرنا، ولأن شهادته له ردت للتهمة، ولا تهمة في الشهادة عليه.

الثاني: لا تقبل شهادة أحد الزوجين لصاحبه؛ لأنه ينتفع بشهادته لتبسط كل واحد منهما في مال الآخر عادة، واتساعه سعته، وإضافة مال كل منهما إلى الآخر.

قال ابن مسعود لرجل قال له: إن غلامي سرق مرآة امرأتي قال: غلامكم سرق مالكم، لا قطع عليه، ولأنه إن كان الزوج الشاهد، فهو يجر إلى نفسه نفعاً؛ لأن قيمة بضع المرآة المملوك له، يزداد بيسارها، وإن كان الشاهد المرأة، فنفقتها تزداد بيساره، وعنه: أن شهادة أحدهما للآخر مقبولة، لدخوله في العموم.

الثالث: الجار إلى نفسه، أو الدافع عنها، كشهادة الغرماء للمفلس أو الميت بدين، أو عين، فإنه لو ثبت له، تعلقت حقوقهم به بخلاف غيرهما من الغرماء، فإنه لا يتعلق حق الشاهد بما يشهد به، وكذلك لا تقبل شهادة الورثة للمورث، للجرح قبل الاندمال؛ لأنه قد يسري إلى نفسه، فتجب الدية لهم، ولا شهادة الوصي بمال الميت؛ لأنه يثبت له فيه حق التصرف، وكذلك شهادة الشريك لشريكه بمال الشركة، ولا الوكيل لموكله، فيما هو موكل فيه، ولا الشفيع ببيع الشقص المشفوع، ولا السيد لعبده المأذون، ولا لمكاتبه.

قال القاضي: ولا تقبل شهادة الأجير لمستأجره، نص عليه أحمد.

وأما الدافع عن نفسه، فمثل شهادة المشهود عليه بجرح الشهود، أو شهادة العاقلة بجرح شهود القتل الذين يحملون عقله، وشهادة الضامن بقضاء الدين، أو البراءة منه، فلا تقبل شهادة أحد؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ولا ظنين في قرابة» ولا الظنين المتهم.

فإن شهد الشريك لشريكه بغير مال الشركة، أو الوكيل بغير ما وكل به، أو العاقلة بما لا تحمل عقله، قبلت شهادتهم، لعدم التهمة فيهم، وإن شهد من العاقلة بجرح شهود قتل الخطأ من لا يحمل العقل، لفقره أو بعده، احتمل أن تقبل شهادته كذلك، واحتمل أن لا تقبل؛ لأنه قد يوسر عند الحول فيحمل، أو يموت القريب فيحمل البعيد.

الرابع: من ترد شهادته لفسقه، ثم أعادها بعد عدالته، لم تقبل للتهمة في أدائها، لكونه تعير بردها، فربما قصد بأدائها أن تقبل لإزالة العار الذي لحقه بردها، ولأنها ردت بالاجتهاد، فقبولها ينقض لذلك الاجتهاد، وإن شهد عبد فردت شهادته، ثم عتق، وأعادها، ففيه روايتان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015