هذا أمس، فغصبها هذا منه، أو سقطت، فالتقطها هذا، حكم له بها؛ لأنه تثبت أن يد الثاني عدوان، ليست دليلاً للملك، فيجب القضاء باستدامة الملك الماضي، وإن ادعى جارية أو ثمرة، فشهدت بينة أن الجارية بنت أمته، والثمرة ثمرة شجرته، لم يحكم له بها؛ لأنه يجوز أن تلدها، أو تثمرها قبل ملكه. فإن قالت مع ذلك: ولدتها في ملكها، وأثمرتها في ملكه، حكم له بها؛ لأنها شهدت أنها نماء ملكه، فصار كما لو شهدت أن الغزل من قطنه، وإن شهدت بينة أن الغزل من قطنه، أو الطير من بيضته، أو الدقيق من حنطته، حكم له بها؛ لأن الجميع عين ماله، وإنما تغيرت صفته.
فصل:
وإن كانت في يد زيد دار، فادعى آخر أنه ابتاعها من غيره وهي ملكه، فأقام ذلك بينة، حكم له بها؛ لأنه ابتاعها من مالكها. وإن شهدت أنه باعه إياها، وسلمها إليه، حكم له بها؛ لأنه لم يسلمها إليه إلا وهي في يده. وإن لم يذكر الملك ولا التسليم، لم يحكم بها؛ لأنه لا يمكن أن يبيعه ما لا يملكه، فلا تزال يد صاحب اليد. وإن ادعاها رجلان، فشهد لأحدهما رجلان، أن صاحب اليد غصبه إياها، وشهد للآخر شاهدان، أن صاحب اليد أقر له بها، حكم للمغصوب منه؛ لأنه ثبت أن صاحب اليد غاصب، وإقرار الغاصب غير مقبول.
فصل:
وإذا تداعى رجلان داراً ذكر كل واحد منهما أنه ابتاعها من زيد، ونقده ثمنها، أو ادعى أحدهما أنه اشتراها من زيد وهي ملكه، وادعى آخر أنه اشتراها من عمرو وهي ملكه، ولكل واحد منهما بينة بدعواه، واختلف تاريخهما، فهي للأول؛ لأنه ابتاعها من مالكها، وإن استوى تاريخهما أو أطلقتا، أو أطلقت إحداهما وأرخت الأخرى، تعارضتا، فإن كانت الدار في يد أحدهما، ابتنى على بينة الداخل والخارج، وإن كانت في يد غيرهما، فادعاها لنفسه، وقلنا: تسقط البينتان، حلف لكل واحد منهما يميناً وأخذها. وإن قلنا: يستعملان، بأن يقرع بينهما، قرع بينهما، فمن قرع صاحبه، حلف، وأخذها. وإن قلنا: تقسم بينهما، فلكل واحد منهما نصفها بنصف الثمن. وقد نص أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية الكوسج، في رجل أقام البينة أنه اشترى سلعة بمائة، فأقام الآخر بينة أنه اشتراها بمائتين، فكل واحد منهما يستحق نصف السلعة بنصف الثمن، فيكونان شريكين. فإن لم يدعها صاحب اليد، فإن قلنا: تسقط البينتان، رجع إليه، فإن أقر بها لأحدهما، سلمت إليه، ويحلف كل واحد منهما للذي أنكره. وإن أقر بها لهما، قسمت بينهما، ويحلف لكل واحد منهما يميناً، ويحلف كل واحد منهما لصاحبه على النصف المحكوم له به، وإن قلنا: تستعمل البينتان، لم يفد إقراره شيئاً؛ لأنه قد ثبت زوال