أحدهما قسمته طولاً في كمال العرض، ففيه وجهان:
أحدهما: تجب إجابته، لما ذكرنا في العرصة.
والثاني: لا تجب؛ لأنه إن قطع الحائط، ففيه إتلاف. وإن لم يقطع أفضى إلى الضرر؛ لأن في تجميل أحدهما له ثقلاً على نصيب صاحبه. وإن طلب قسمته عرضاً في كمال الطول، لم يجبر الممتنع؛ لأن فيه إفساداً، وفي جميع ذلك متى اتفقا على القسمة، جاز.
فصل:
وإن كان بينهما أرض مزروعة، فطلب أحدهما قسمة الأرض دون الزرع لزم إجابته؛ لأن الزرع لم يمنع جواز القسمة، فلم يمنع وجوبها، كالقماش في الدار، فإذا قسماها بقي الزرع بينهما مبقى إلى الحصاد. ذكره أصحابنا، والأولى أنها لا تجب؛ لأنه يلزم منها إبقاء الزرع المشترك في الأرض المقسومة إلى الحصاد، بخلاف القماش، كما لو بيعت الأرض. وإن طلب قسمة الزرع منفرداً، لم يلزم إجابته؛ لأنه لا يمكن تعديله. ويشترط بقاؤه في الأرض المشتركة. وإن طلب قسمة الأرض مع الزرع، وكان قصيلاً، لزمته إجابته؛ لأن الزرع، كالشجر في الأرض، فلم يمنع الإجبار. وإن كان سنابل مشتداً حبها فكذلك، إلا عند من جعل له القسمة بيعاً، فلا يجوز؛ لأنه يبيع بعضه ببعض من غير كيل. وإن كان بذراً لم تجز قسمته؛ لأنه مجهول، لا يمكن تعديله، فيكون قسمة مجهول ومعلوم، ويحتمل الجواز؛ لأنه بيع لا يمنع البيع إذا اشترطه المبتاع، فكذلك لا يمنع القسمة.
فصل:
إذا كان بينهما ثياب، أو حيوانات، أو خشب، أو عمد، أو أحجار متفاضلة، فطلب أحدهما قسمتها أعياناً بالقيمة، لم تجب إجابته؛ لأن ذلك بيع. وإن كانت متماثلة، فقال القاضي: تجب إجابته؛ لأنها متماثلة، أشبهت أجزاء الأرض المتماثلة، ويحتمل أن لا يلزم إجابته؛ لأنها أعيان متفرقة، فأشبهت العضائد والدور المتفرقة.
فصل:
إذا كانت بينهما عين، فأرادا قسمة منافعها بالمهايأة، بأن تجعل في يد أحدهما مدة، وفي يد الآخر مثلها، جاز؛ لأن المنافع كالأعيان، فجازت قسمتها. وإن امتنع أحدهما، لم يجبر؛ لأن حق كل واحد منهما معجل، فلم يجبر على تأخيره بالمهايأة، فإن تهايآه، اختص كل واحد منهما بمنفعته في مدته، وكسبه. وفي الأكساب النادرة، كاللقطة، والهبة، والركاز، وجهان: