خصمه حكمه. وإن لم يذكر الحكم به، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يجوز له الحكم به؛ لأنه يحتمل التزوير في الخط والختم، فلم يجز له الحكم به. كحكم غيره.
والثانية: يجوز الحكم به؛ لأنه إذا كان بخطه تحت ختمه، لم يحتمل أن يكون غير صحيح إلا احتمالا بعيداً، كاحتمال كذب الشاهدين، فلا يعول على مثله. فإن شهد به شاهدان، وجب الحكم به؛ لأنه حكم شهد به عدلان، فوجب قبوله، كحكم غيره، أو كما لو شهدا به عند غيره.
فصل:
وإذا قال: حكمت لفلان بكذا، قبل قوله؛ لأنه يملك الحكم به فملك الإقرار به، كالزوج لما ملك الطلاق، ملك الإقرار به. وإن قال ذلك بعد عزله، قبل أيضاً؛ لأن عزله لا يمنع قبول قوله كما لو كتب إلى غيره، فوصل الكتاب بعد عزله؛ ولأنه أخبر بما حكم به، وهو غير متهم، فيجب قبوله، كحال الولاية. ويحتمل أن لا يقبل قوله؛ لأنه لا يملك الحكم، فلم يملك الإقرار به.
الأصل في القسمة، الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب، فقوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] . وأما السنة: فقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فلا شفعة» . وقسم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغنائم بين أصحابه، وأجمعت الأمة على جوازها. والعبرة تقتضيها لحاجة الشركاء، ليتخلصوا من سوء المشاركة وكثرة الأيدي، ويتصرف كل واحد في المال على الكمال، على حسب الاختيار.
فصل:
ويجوز للشركاء أن يقتسموا بأنفسهم، وأن ينصبوا قاسماً يقسم بينهم، وأن يسألوا الحاكم قاسماً يقسم بينهم؛ لأن الحق لهم، فجاز ما تراضوا عليه. ويجب أن يكون القاسم عالماً بالقسمة، ليوصل إلى كل ذي حق حقه، كما يجب أن يكون الحاكم عالماً