وأيمان البيعة أيمان رتبها الحجاج، تشتمل على اليمين بالله تعالى والعتاق، والطلاق، والحج، وصدقة المال، يستحلف بها الناس عند عقد البيعة.

فصل:

والحالف مخير في يمينه بين البر، وبين التكفير. ولا يحرم المحلوف عليه بها، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك» .

وإن فعل المحلوف عليه ناسياً، أو مكرهاً، لم يحنث، لقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجه والدارقطني؛ ولأنه غير قاصد للمخالفة، فلم يحنث، كالنائم.

وعنه: أنه يحنث؛ لأنه فعل المحلوف عليه قاصداً لفعله، أشبه غير الناسي. وإن فعله جاهلاً، كرجل حلف لا يكلم فلاناً، فكلمه يظنه غيره، أو سلم على جماعة هو فيهم ولم يعلم به، أو حلف لا يفارقه حتى يقضيه حقه. فأعطاه قدر حقه، ففارقه، فوجده رديئاً، ففيه روايتان، كالناسي؛ لأنه غير قاصد للمخالفة. ومن حلف على غيره، ألا يفعل وكان المحلوف عليه ممن يمتنع بيمينه، فهو في الجهل والنسيان، كالحالف. وإن كان ممن لا يمتنع بيمينه، كالسلطان، والحاج، استوى في الحنث العلم والجهل والنسيان؛ لأنه مما لا يؤثر اليمين في امتناعه، فأشبه تعليق الطلاق بطلوع الشمس.

[باب كفارة اليمين]

ومن حلف، فهو مخير في التكفير قبل الحنث أو بعده، سواء كانت الكفارة صوماً أو غيره، لما روى عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا عبد الرحمن بن سمرة، إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها، فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير» متفق عليه. وفي لفظ: «ثم ائت الذي هو خير» رواه أبو داود؛ لأنه كفر بعد سببه، فجاز ككفارة الظهار، والقتل بعد الجرح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015