ذمته منه وإن كانت معه جارية، فادعى أنها ابنته، ففيه روايتان:
إحداهما: يقبل؛ لأن الأصل عدم الملك فيها.
والثانية: لا يقبل؛ لأنه يمكنه إقامة البينة عليها.
باب ما ينتقض به العهد ينتقض عهد الذمي بأحد ثلاثة أشياء: الامتناع من بذل الجزية، والامتناع من التزام أحكام الإسلام، وقتال المسلمين، سواء شرط عليهم أو لم يشرط؛ لأن الله أمر بقتالهم حتى يعطوا الجزية، ويلتزموا أحكام الملة، فإذا امتنعوا من ذلك وجب قتالهم. فإذا قاتلوا فقد نقضوا العهد؛ لأن العقد يقتضي الأمان من الجانبين، والقتال ينافيه، فانتقض العهد به. فأما ما سوى ذلك فقسمان:
أحدهما: ما فيه ضرر بالمسلمين، وهو ثمانية أشياء: قتل مسلم، أو فتنه عن دينه، أو قطع الطريق عليه، أو الزنا بمسلمة أو إصابتها باسم نكاح، أو إيواء جاسوس، أو دلالة على عورات المسلمين، أو ذكر الله تعالى أو رسوله أو كتابه بسوء، ففيه روايتان:
إحداهما: ينتقض العهد به، سواء شرط أو لم يشرط، لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه رفع إليه رجل أراد استكراه مسلمة على الزنا، فقال: ما على هذا صالحناكم، وأمر به، فصلب في بيت المقدس. وقيل لابن عمر: إن راهبا يشتم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعط الأمان على هذا. وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أمر عبد الرحمن بن غنم: أن يُلْحِق في كتاب صلح الجزيرة: ومن ضرب مسلما فقد خلع عهده؛ ولأنه لم يف بمقتضى الذمة، وهو الأمن من جانبه، فانتقض عهده، كما لو قاتل المسلمين.
والثانية: لا ينتقض العهد به، ويقام عليه حد ذلك؛ لأن ما يقتضيه العهد من التزام أداء الجزية، وأحكام المسلمين، والكف عن قتالهم - باق، فوجب بقاء العهد، فأما سائر الخصال، كالتميز عن المسلمين، وترك إظهار المنكر، ونحوه، فإن لم يشترط عليهم، لم ينتقض عهدهم به؛ لأن العقد لا يقتضيها، ولا ضرر على المسلمين فيها، وإن شرطت عليهم، فظاهر كلام الخرقي أن عهدهم ينتقض بمخالفتها، لقوله: ومن نقض العهد بمخالفة شيء مما صولحوا عليه، حل دمه وماله. ووجهه: أن في كتاب صلح الجزيرة لعبد الرحمن بن غنم، بعد استيفاء الشروط: وإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا، وقبلنا الأمان عليه، فلا ذمة لنا، وقد حل لك منا ما يحل من أهل