بغير إذن، لم يستحقه؛ لأنه لا حق له في السهم الثابت، فغيره أولى.

والثاني: أن يغرر بنفسه في قتله، كالمبارز، فإن قتله بسهم رماه من صف المسلمين ونحوه، لم يستحقه؛ لأنه إنما ورد الخبر في المبارز ونحوه.

الثالث: أن يقتله وهو مقبل على الحرب، فإن قتل أسيرا، أو مثخنا، أو منهزما إلى غير فئة، لم يستحقه؛ لأن ابن مسعود ذفف على أبي جهل يوم بدر، فلم يعط سلبه؛ ولأن استحقاق السلب للمخاطرة، والتغرير بالنفس، ولا خطر هاهنا. وإن قتل موليا ليكر، أو متحيزا إلى فئة، فله سلبه؛ لأن سلمة بن الأكوع، أدرك طليعة للكفار موليا، فقتله، «فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من قتله؟ قالوا: ابن الأكوع، قال: فله سلبه أجمع» ؛ ولأن القتال كر وفر.

الرابع: أن يقتله لأن الخبر خص القاتل بالسلب، فاختص به دون غيره، فإن أسره لم يستحق سلبه كذلك. وقال القاضي: له سلبه، سواء قتله الإمام، أو من عليه، أو فاداه، وله فداؤه؛ لأن مال حصل بسبب تغريره في تحصيله، أشبه سلب القتيل. وظاهر كلام أحمد أنه يشترط أن ينفرد بقتله؛ لأنه قال في رواية حرب: له سلبه إذا انفرد بقتله؛ ولأنه يستحق للتغرير بالنفس، ولا يحصل مع الاشتراك، وإن قطع أحدهما يده، أو رجله وقتله الآخر، فكذلك؛ لأنهما شريكان فيه. وإن قطع أحدهما أربعته وقتله الآخر، فسلبه للقاطع؛ لأن معاذ بن عمرو بن الجموح أثبت أبا جهل، وتمم عليه ابن مسعود، فقضى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسلبه لمعاذ؛ ولأن القاطع كفى شره، فأشبه القاتل، وإن قطع يديه أو رجليه، فكذلك لأنه قد عطله، ويحتمل أن لا يستحقه؛ لأنه إن قطع رجليه، قاتل بيديه، وإن قطع يديه فهو يعدو، ويكثر ويهيب، فما كفى شره. وإن عانق رجلا فقتله الآخر فالسلب للقاتل للخبر؛ ولأنه قاتل لمن لم يكف المسلمون شره، أشبه المطلق. وظاهر المذهب أنه يستحق، وإن لم يشرطه الإمام له، للخبر، إلا أنه أعجب أحمد أن لا يأخذه إلا بإذن الإمام؛ لأنه أمر مجتهد فيه، فلا يأخذه إلا بإذنه كالسهم. وعنه: لا يستحقه إلا بجعل الإمام قبل قتله، أو تنفيله بعده؛ لأنه نفل فلا يستحقه إلا بإذنه، كسائر الأنفال.

فصل:

والسلب: ما على القتيل من ثيابه، وحليه، وسلاحه، وإن كثر، لما روي أن عمرو بن معديكرب حمل على أسوار، فطعنه، فدق صلبه، فصرعه، فنزل إليه، فقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015