الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: إن الله بعث محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها، وعقلتها، ووعيتها، ورجم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى. فالرجم حق على من زنى وقد أحصن من الرجال والنساء إذا قامت ببينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف. وقد قرأتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة، متفق عليه؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجم ماعزاً والغامدية، ورجم الخلفاء بعده. وهل يجب الجلد مع الرجم؟ فيه روايتان:

إحداهما: يجب؛ لقول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] فلما وجب الرجم بالسنة، انضم إلى ما في كتاب الله تعالى، ولهذا قال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في شراحة: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروى عبادة بن الصامت: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً؛ البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام. والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» . رواه مسلم.

والثانية: لا جلد عليه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجم ماعزاً والغامدية، ولم يجلدهما. وقال: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» . ولم يأمره بجلدها، ولو وجب لأمر به، ولأنه معصية توجب القتل، فلم توجب عقوبة أخرى، كالردة.

الثاني: الحر غير المحصن، فحده مائة جلدة وتغريب عام؛ للآية وخبر عُبادة.

الثالث: المملوك، فحده خمسون جلدة بكراً كان أو ثيباً، رجلاً أو امرأة، لقول الله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] . والعذاب المذكور في الكتاب مائة جلدة، فنصف ذلك خمسون، ولا تغريب عليه؛ لأن تغريبه إضرار بسيده دونه، ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن. فقال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير» متفق عليه. ولم يأمر بتغريبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015