كفارة، كالطيب في الإحرام، وعنه: على الجميع كفارة؛ لأنها تجب بالقتل، فإذا كان واحدًا، وجبت كفارة واحدة، كقتل الصيد.

فصل

ولا تجب الكفارة بالعمد المحض، سواء أوجب القصاص أو لم يوجبه؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فتخصيصه بها يدل على نفيها في غيره، ولأنها لو وجبت في العمد، لمحت عقوبته في الآخرة؛ لأنها شرعت لستر الذنب، وعقوبة القاتل عمدًا ثابتة بالنص لا تمحى بها، فوجب ألا تجب الكفارة فيه، وعنه: أنها تجب؛ لأنها إذا وجبت في الخطأ مع قلة إثمه، ففي العمد أولى.

وأما شبه العمد، فتجب فيه الكفارة؛ لأنه أجري مجرى الخطأ في نفي عقوبته، وتحمل العاقلة ديته وتأجيلها، فكذلك في الكفارة، ولأنه لو لم تجب الكفارة، لم يلزم القاتل شيء؛ لأن الدية تحملها العاقلة، وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتلا وإن تعمدا؛ لأن عمدهما أجري مجرى الخطأ في أحكامه، وهذا من أحكامه، وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها، أو فمها إذا كان قائدها، أو راكبها، أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، فكذلك كفارته.

فصل

ولا يجب بالجناية على الأطراف كفارة، ولا بقتل غير الآدمي؛ لأن وجوبها من الشرع، وإنما أوجبها في النفس، وقياس غيرها عليها ممتنع؛ لأنها أعظم حرمة، ولذلك اختصت بالقسامة، ولا تجب بقتل مباح، كقتل الزاني المحصن، والقصاص، وقتل أهل البغي، والصائل، ومن ضرب الحد فمات فيه أو في التعزير، أو قطع بالسرقة، أو القصاص، فسرى إلى نفسه، ونحو ذلك؛ لأن الكفارة شرعت للتكفير والمحو، وهذا لا شيء فيه يمحى.

فصل

والكفارة تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد، فصيام شهرين متتابعين للآية، فإن لم يستطع؛ ففيه روايتان:

إحداهما: يلزمه إطعام ستين مسكينًا؛ لأنها كفارة فيها العتق وصيام شهرين، فوجب فيها إطعام ستين مسكينًا إذا عجز عنهما، ككفارة الظهار، والجماع في رمضان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015