فصل

ولا يشترط في اللوث أن يكون بالقتيل أثر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسأل الأنصار عن هذا، ولو اشترط، لاستفصل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وسأل عنه، ولأنه قد يقتل بما لا يظهر أثره، كغم الوجه، وعصر الخصيتين. وقال أبو بكر: يشترط ذلك، وقد أومأ إليه أحمد؛ لأن الغالب أن القتل لا يحصل إلا بما يؤثر، فإذا لم يكن به أثر، فالظاهر أنه مات بغير قتل.

فصل

وإذا ادعى رجل على رجل قتل وليه وبينهما لوث، فجاء آخر فقال: أنا قتلته، ولم يقتله هذا، لم تسقط القسامة بإقراره؛ لأنه قول أجنبي، ولا يثبت القتل على المقر؛ لأن الولي لم يدعه، وعن أحمد: أن الدعوى تبطل على الأول؛ لأنها عن ظن، وقد بان خلافه. وله الدية على الثاني؛ لأنه مقر على نفسه بها ولا قصاص عليه، ولأن دعوى الولي على الأول شبهة في تبرئة الثاني، فيمتنع القصاص، ويحتمل أن لا يملك مطالبته بالدية كذلك، وإن كان قد أخذ الدية من الأول، ردها عليه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

[باب اختلاف الجاني والمجني عليه]

إذا قتل رجلًا، وادعى أنه قتله وهو عبد، فأنكر وليه، فالقول قول الولي مع يمنيه؛ لأن الأصل الحرية، والظاهر في الدار الحرية، ولهذا يحكم بإسلام لقيطها وحريته، وإن ادعى أنه كان قد ارتد، فأنكر الولي؛ فالقول قوله كذلك. وإن قد ملفوفًا في كساء، وادعى أنه كان ميتًا، فالقول قول الولي؛ لأن الأصل حياته، وكونه مضمونًا، فأشبه ما ذكرنا، وإن جنى على عضو، وادعى أنه كان أشل بعد اتفاقهما على أنه كان سليمًا، فالقول قول المجني عليه، وإن لم يتفقا على ذلك. فإن كان من الأعضاء الباطنة، فالقول قول المجني عليه؛ لأن الأصل السلامة، وإن كان من الأعضاء الظاهرة، ففيه وجهان:

أحدهما: القول قول الولي؛ لأن الأصل السلامة.

والثاني: القول قول الجاني؛ لأن العضو يظهر ويعرف حاله، فلو كان سليمًا، لم تتعذر إقامة البينة عليه، وهذا اختيار القاضي.

فصل

وإذا زاد المقتص على حقه، وادعى أنه أخطأ، وقال الجاني: تعمد، فالقول قول المقتص مع يمينه؛ لأنه أعلم بقصده، إلا أن يكون مما لا يجوز الخطأ في مثله، فلا يقبل قوله فيه لعدم الاحتمال، وإن قال: هذه الزيادة حصلت باضطرابه، فأنكر الجاني،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015