تشرع في غيره، ولأنها مشروطة باللوث، ولا تأثير له في الخطأ، فعلى هذا يكون حكمه حكم الدعوى مع عدم اللوث سواء. وقال غيره: تجري القسامة في كل قتل؛ لأنها حجة تثبت العمد الموجب للقصاص، فيثبت بها غيرها كالبينة، فعلى قولهم تسمع الدعوى على جماعة إذا كان القتل غير موجب للقصاص، وإذا ردت الأيمان عليهم، حلف كل واحد منهم خمسين يمينًا، وقال بعض أصحابنا: تقسم الأيمان عليهم بالحصص؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا» لم يزد عليها. والأول: أقيس؛ لأنه لا يبرئ المدعى عليه حال الاشتراك إلا ما يبرئه حال الانفراد كسائر الدعاوى، وإن كانت الدعوى على جماعة في حق بعضهم لوث، حلف المدعون على صاحب اللوث، وأخذوا حصته من الدية، وحلف المدعى عليه يمينًا واحدة وبرئ. ولا تشرع القسامة فيما دون النفس من الجروح والأطراف؛ لأنها تثبت في النفس لحرمتها، فاختصت بها كالكفارة.

فصل

ويشترط للقسامة اتفاق المستحقين على الدعوى، فإن ادعى بعضهم القتل، فكذبه البعض، لم يجب قسامة؛ لأن المكذب منكر لحق نفسه، فقبل كالإقرار. وإن قال بعضهم: قتله هذا، وقال بعضهم: قتله هو وآخر، فعلى قول الخرقي: لا قسامة، وعلى قول غيره: يقسمان على المتفق عليه، ويأخذان نصف الدية، ويحلف الآخر ويبرأ، وإن قال أحدهما: قتله زيد، وآخر لا أعرفه، وقال الآخر: قتله عمرو، وآخر لا أعرفه، فقال أبو بكر: ليس هاهنا تكذيب؛ لأنه يمكن أن يكون المجهول في حق أحدهما هو الذي عرفه أخوه، ويحلف كل واحد منهما على الذي عينه خمسين يمينًا، وله ربع الدية، فإن عاد كل واحد منهما، فقال: الذي جهلته، هو الذي عينه أخي، حلف خمسًا وعشرين يمينًا، واستحق عليه ربع الدية، وإن قال: الذي جهلته قد عرفته هو غير الذي عينه أخي، بطلت القسامة وعليه رد ما أخذ؛ لأن التكذيب يقدح في اللوث، وإن رجع الولي عن الدعوى بعد القسامة بطلت، ولزمه رد ما أخذ؛ لأنه يقر على نفسه، فقبل إقراره، وعليه رد ما أخذه.

فصل

وإن كان في ورثة القتيل صبي، أو غائب، وكانت الدعوى عمدًا لم تثبت القسامة حتى يبلغ الصبي، ويقدم الغائب؛ لأن حلف أحدهما غير مفيد، وإن كانت موجبة للمال كالخطأ ونحوه، فللحاضر المكلف أن يحلف ويستحق حصته من الدية، وفي قدر أيمانه وجهان:

أحدهما: يحلف خمسين يمينًا، هذا قول أبي بكر: لأننا لا نحكم بوجوب الدية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015