وهو نصراني، ولهذا يجب القصاص، ولا يسقط بالإسلام، وإن رمى مسلم سهمًا، ثم ارتد، فقتل إنسانًا، وجبت الدية في ذمته لما تقدم، وإن قطع يدًا، ثم ارتد، ثم مات المجروح، فعقله على عاقلته المسلمين لما ذكرنا.
ويحتمل أن لا تحمل العاقلة أكثر من أرش الجراح في هذه المسألة، وفيما إذا قطع نصراني يد رجل، ثم أسلم، فما زاد على أرش الجراح في مال الجاني؛ لأنه حصل بعد مخالفته لدين عاقلته، فأشبه ما ذكرنا من المسائل، ولو جنى حر أمه مولاة، وأبوه عبد، عقله موالي أمه؛ لأن ولاءه لهم، فإن حصل سراية الجناية بعد عتق أبيه، فالدية في مال الجاني؛ لأنه تعذر إيجابه على مولى أمه؛ لأن السراية حصلت بعد زوال تعصيبهم، ولا يجب على موالي الأب؛ لأن الجناية صدرت وهو مولى غيرهم، ولو حفر العبد بئرًا، ثم أعتقه سيده، ثم وقع فيها إنسان، فضمانه على الحافر، لما ذكرناه.
فصل
وليس على فقير من العاقلة، لا امرأة، ولا صبي، ولا زائل العقل حمل شيء من الدية؛ لأن وجوبها للنصرة والمواساة، وليس هؤلاء من أهل النصرة، والفقير ليس من أهل المواساة، وحكى أبو الخطاب في الفقير المعتمل رواية أخرى أنه يعقل، والمذهب الأول، لما ذكرناه، ولذلك لا تجب عليه الزكاة، ويعقل الشيخ ما لم يهرم، والمريض الذي لم يزمن، وأما الشيخ الهرم والزمن، ففيهما وجهان:
أحدهما: يعقلان؛ لأنهما من أهل المواساة، وتجب عليهما الزكاة، أشبها ما قبل ذلك.
والثاني: لا يعقلان؛ لأنهما ليسا من أهل النصرة، أشبها المجنون، وتعتبر صفاتهم عند الحول، فمن مات، أو افتقر، أو جن قبل الحول، سقط ما عليه، فإن بلغ، أو عقل، أو استغنى عند الحول لزمه؛ لأنه معنى يعتبر له الحول، فاعتبر في آخره كالزكاة، ومن مات أو تغير حاله بعد الحول، لم يسقط ما عليه كالزكاة.
فصل
والحاضر والغائب سواء في العقل؛ لأنهم تساووا في إرثه، فيتساوون في عقله، ويقدم الأقرب فالأقرب من العصبات؛ لأنه حكم يتعلق بالعصبات، فقدم فيه الأقرب فالأقرب، كالولاية والتوريث، فيبدأ بإخوة القاتل وبنيهم، وأعمامه وبنيهم، وأعمام أبيه وبنيهم كذلك، حتى ينقرض المناسبون، فيجب على مولاه، ثم عصباته، ثم مولى مولاه، ثم عصباته، كالميراث بالولاء سواء، فإذا كان القاتل هاشميًا، عقله بنو هاشم، فإن فضل شيء، دخل معهم بنو عبد مناف، فإن فضل شيء، دخل بنو قصي، وهل