لم يتحقق منهما كمال المقصود، ولا توجب جنايتهما قصاصًا، فصارت كشبه العمد، ومن اقتص بحديدة مسمومة من الطرف، ففيه وجهان:

أحدهما: لا تحمله العاقلة؛ لأنه قصد القطع بما يقتل غالبًا، فأشبه العمد المحض.

والثاني: تحمله؛ لأنه ليس بعمد محض، ولا يوجب قصاصًا، فأشبه شبه العمد، ولو وكل وكيلًا يستوفي له القصاص، ثم عفا عن الجاني، فلم يعلم الوكيل حتى اقتص، فقال القاضي: لا تحمله العاقلة؛ لأنه عمد محض، وقال أبو الخطاب: تحمله العاقلة؛ لأنه لم يقصد الجناية.

فصل

ومن جنى على نفسه، أو طرفه خطأ، ففيه روايتان:

إحداهما: هي هدر؛ لأن عامر بن الأكوع بارز مرحبًا يوم خيبر، فرجع سيفه على نفسه فقتلها، فلم يقض فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيء، ولأنه جنى على نفسه فلم يضمن كالعمد؛ لأن حمل العاقلة إنما كان معونة له على الضمان للغير، ولا يتحقق هاهنا.

والثانية: ديته على عاقلته لورثته، ودية طرفه على عاقلته لنفسه؛ لما روي: أن رجلًا ساق حمارًا بعصا كانت معه، فطارت منها شظية، فأصابت عينه، ففقأتها فجعل عمر ديته على عاقلته، وقال: هي يد من أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء، ولأنها جناية خطأ، فأشبه جنايته على غيره، فإن كانت العاقلة هي الوارثة، لم يجب شيء؛ لأنه لا يجب شيء للإنسان على نفسه، وإن كان بعضهم وارثًا، سقط ما عليه وحده.

فصل

وما يجب بخطأ الإمام والحاكم في اجتهاده من الديات، ففيه روايتان:

إحداهما: يجب على عاقلته؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال لعلي كرم الله وجهه في جنين المرأة التي أجهضت لما بعث إليها: عزمت عليك، لا تبرح حتى تقسمها على قومك.

والثانية: في بيت المال؛ لأن خطأه يكثر في أحكامه واجتهاده، فإيجاب ما يجب به على عاقلته يجحف بهم، فأما الكفارة ففي ماله على كل حال؛ لأنها لا تتحمل في موضع، ويحتمل أن تجب في بيت المال؛ لأنها تكثر فأشبهت الدية.

فصل

وكل ما لا تحمله العاقلة من دية العمد، وما دون الثلث وغيره، يجب حالًا؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015