فصل

وإن نقص الضوء، وجبت الحكومة، وإن نقص ضوء إحداهما، عصبت العليلة، وأطلقت الصحيحة، ونصب له شخص، كما فعل علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - برجل ادعى نقص ضوء عينه، فأمر بها فعصبت، وأعطى رجلًا بيضة، فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره، ثم أمر فخط عند ذلك، ثم أمر بعينه الأخرى فعصبت، وفتحت العليلة، وأعطى رجلًا بيضة، فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره، ثم خط عنه ذلك، ثم حول إلى مكان آخر، ففعل مثل ذلك، فوجده سواء، فأعطاه بقدر نقص بصره من مال الآخر، وإنما يمتحن بذلك مرتين، ليعلم صدقه بتساوي المسافتين، وكذبه باختلافهما، والجناية على الصبي والمجنون، كالجناية على غيرهما، إلا أن وليهما خصم عنهما، فإن توجهت اليمين عليهما، لم يحلفا، ولم يحلف وليهما، حتى إذا بلغ الصبي، وعقل المجنون، حلفا حينئذ، وإن جنى عليه، فأحول عينه أو شخصت ففيه حكومة؛ لأنه نقص لم يذهب بالمنفعة كلها، فأشبه ما لو قل بصره.

فصل

ويجب في جفون العينين الدية؛ لأن فيها جمالًا كاملًا، ونفعًا كثيرًا؛ لأنها تقي العينين ما يؤذيهما وسواء في هذا البصير والأعمى؛ لأن العمى عيب في غير الجفون، وفي الواحد منهما ربع الدية؛ لأنه ربع ما فيه الدية، وإن قلع العينين بجفونهما، لزمته ديتان؛ لأنهما جنسان يجب في كل واحد منهما دية، فيجب فيهما ديتان، إذا أتلفا، كاليدين والرجلين، ويجب في أهداب العينين الدية؛ لأن فيها جمالًا ظاهرًا، ونفعا كاملًا؛ لأنها وقاية للعين، فأشبهت الجفون، وفي الواحد منها ربع الدية، فإن قلع الجفون بأهدابها، لم يجب أكثر من دية؛ لأن الشعر يزول تبعًا لزوال الأجفان، فلم يجب فيه شيء، كالأصابع إذا زالت بقطع الكف.

فصل

وفي الأذنين الدية؛ لأن في كتاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمرو بن حزم: «وفي الأذنين الدية» ولأن فيهما جمالًا ظاهرًا، ونفعًا كاملا، يجمعان الصوت، ويوصلانه إلى الدماغ، فأشبها العينين. وفي إحداهما نصفها؛ لأنه نصف ما فيه الدية، فأشبهت العين، ودية أذن الأصم، كدية أذن الصحيح؛ لأن الصمم نقص في غير الأذن، فلا يؤثر في ديتها، كما لم يؤثر العمى في دية الجفون، وإن جنى عليها، فاستحشفت فعليه حكومة؛ لأن نفعها لا يزول بذلك، إن قطعت بعد استحشافها وجبت ديتها؛ لأنها أذن فيها الجمال والمنفعة، فأشبهت الصحيحة، وفي قطع بعض الأذن بقسطه، يقدر بالأجزاء؛ لأن ما وجبت فيه الدية وجب في بعضه بقسطه، كالأصابع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015