فصل:
وإذا رمى أربعة بالمنجنيق، فقتل الحجر رجلًا، فعلى كل واحد منهم ربع ديته، وإن قتل الحجر أحدهم، ففيه وجهان:
أحدهما: يسقط ربع ديته، ويلزم شركاءه ثلاثة أرباعها؛ لأنه مات بفعله وفعلهم، فهدر ما قابل فعله، ولزم شركاءه الباقي، كما مات من جراحاتهم، وجراح نفسه.
الثاني: يلزم شركاءه جميع ديته، ويلغو فعل نفسه، قياسًا على المصطدمين.
وإن كانوا ثلاثة فما دون، ففيه وجه ثالث، وهو أن يجب ثلث دية المقتول على عاقلته لورثته، ويجب على عاقلة الآخرين ثلثا ديته.
فصل:
إذا وقع رجل في بئر، ووقع آخر خلفه من غير جذب ولا دفع فمات الأول، وجبت ديته على الثاني؛ لما روى علي بن رباح اللخمي: أن بصيرًا كان يقود أعمى، فخرا في بئر، ووقع الأعمى فوق البصير فقتله، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى، فكان الأعمى ينشد في الموسم:
يا أيها الناس لقيت منكرا ... هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا
خرا معًا كلاهما تكسرا
ولأن الأول مات بوقوع الثاني عليه، فوجبت ديته عليه، وإن مات الثاني هدرت ديته؛ لأنه لا صنع لغيره في هلاكه، وإن ماتا معًا، فعليه ضمان الأول، ودمه هدر كذلك، وإن وقع عليهما ثالث، فدية الأول على الثاني والثالث؛ لأنه مات بوقوعهما عليه، ودية الثاني على الثالث؛ لأنه انفرد بالوقوع عليه، فانفرد بديته، ودم الثالث هدر، هذا إذا كان الوقوع عليه هو الذي قتله، فإن كان البئر عميقًا يموت الواقع بمجرد وقوعه، لم يجب الضمان على أحد؛ لأن كل واحد منهم مات بوقعته، لا بفعل غيره. وإن احتمل الأمرين فكذلك؛ لأن الأصل عدم الضمان.
فصل:
فإن خر رجل في زبية أسد، فجذب ثانيًا، وجذب الثاني ثالثًا، وجذب الثالث رابعًا، فقتلهم الأسد، فدم الأول هدر؛ لأنه لا صنع لأحد في إلقائه، وعليه دية الثاني؛ لأنه السبب في قتله، وعلى الثاني دية الثالث كذلك، وعلى الثالث دية الرابع، كذلك.