وضع القطن على عينه الأخرى، ثم أخذ المرآة بكلبتين، فأدناها من عينه، حتى سال إنسان عينه. فإن لم يمكن إلا بالجناية، على العضو، سقط القصاص. وإن أذهب بصره بجناية لا قصاص فيها، كالهاشمة واللطمة، عولج بصره بما ذكرنا، ولم يقتص منه، للأثر، ولأنه تعذر القصاص في محل الجناية، فعدل إلى أسهل ما يمكن، كالقتل بالسحر، وله أرش الجرح، وذكر القاضي في اللطمة: أنه يفعل به، كما فعل والصحيح: الأول؛ لأن اللطمة لا يقتص منها منفردة، فكذلك إذا أذهب العين، كالهاشمة.
فصل:
ومن وجب له القصاص في النفس، فضرب في غير موضع الضرب عمدًا، أساء ويعزر. فإن ادعى أنه أخطأ في شيء يجوز الخطأ فيه، قبل قبوله مع يمينه؛ لأنه يدعي محتملًا، وهو أعلم بنفسه، وإن كان لا يجوز في مثله الخطأ، لم قبل قوله، لعدم الاحتمال، فإن أراد العود إلى الاستيفاء، لم يمكنه منه؛ لأنه لا يؤمن منه التعدي ثانيًا، وقال القاضي: يمكن؛ لأن الحق له. والظاهر، أنه لا يعود إلى مثله. وإن كان له القصاص في النفس فقطع طرفه، فلا قصاص عليه؛ لأنه قطع طرفًا يستحق إتلافه ضمنًا، فكان شبهة مسقطة للقصاص ويضمنه بديته؛ لأنه طرف له قيمة حين القطع، قطعه بغير حق، فوجب ضمانه، كما لو قطعه بعد العفو عنه.
فصل:
وإن وجب له القصاص في الطرف، فاستوفى أكثر منه عمدًا، وكان الزائد موجبًا للقصاص، مثل أن وجب له قطع أنملة، فقطع اثنتين، فعليه القود، وإن كان خطأ، أو لا يجب في مثله القود، مثل من وجبت له موضحة، فاستوفى هاشمة، فعليه أرش الزائد، كما لو فعله في غير قصاص، فإن كانت الزيادة لاضطراب الجاني، فلا شيء فيها؛ لأنها حصلت بفعله في نفسه، فهدرت. وإن استوفى من الطرف بحديدة مسمومة فمات، لم يجب القصاص؛ لأنه تلف من جائز وغيره، ويجب نصف الدية؛ لأنه تلف من فعل مضمون وغير مضمون، فقسم ضمانه بينهما.
فصل:
وإن وجب له قصاص في يد، فقطع الأخرى، فقال أبو بكر: يقع الموقع، ويسقط القصاص، سواء قطعها بتراضيهما، أو بغيره؛ لأن ديتهما واحدة، وألمهما واحد، واسمهما ومعناهما واحد، فأجزأت إحداهما عن الأخرى، كالمتماثلتين، ولأن إيجاب القصاص في الثانية، يفضي إلى قطع يدين بيد واحدة، وتفويت منفعة الجنس في حق من لم يفوتها. وقال ابن حامد: لا يجزئ؛ لأن ما لا يجوز أخذه قصاصًا، لا يجزئ