من غير حرفة، ففيه روايتان:
إحداهما: لا نفقة له؛ لأنه يستغني بكسبه، أشبه المحترف.
والثانية: له النفقة؛ لأنه لا مال له، ولا حرفة، أشبه الزمن.
الثاني: أن يكون للمنفق ما ينفق عليهم فاضلًا عن نفقة نفسه وزوجته، لما روى جابر، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» قال الترمذي: هذا حديث صحيح. ولأن نفقة القريب مواساة، فيجب أن تكون في الفاضل عن الحاجة الأصلية، ونفقة نفسه من الحاجة الأصلية، وكذلك نفقة زوجته؛ لأنها تجب لحاجته، فأشبهت نفقة نفسه، وكذلك نفقة خادمه الذي لا يستغني عن خدمته، تقدم كذلك.
الثالث: اتفاقهما في الدين والحرية، فلا يجب على الإنسان الإنفاق على من ليس على دينه؛ لأنه لا ولاية بينهما، ولا يرث أحدهما صاحبه؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والصلة، فلمن تجب له مع اختلاف الدين، كالزكاة. وعنه في عمودي النسب: أنها تجب مع اختلاف الدين؛ لأنهم يعتقون عليه. فينفق عليهم، كما لو اتفق دينهما. وأما العبد، فلا نفقة عليه؛ لأنه لا شيء له يواسي به، فلا تجب نفقته على قريبه؛ لأن نفقته على سيده، ولأنه لا توارث بينهما، ولا ولاية، فلم ينفق أحدهما على صاحبه، كالأجانب.
فصل:
ولا يشترط في وجوب النفقة نقصان الخلقة، بزمانة، أو صغر، أو جنون، لعموم الخبر، وعن أحمد أنه يشترط ذلك في غير الوالدين؛ لأن من علم ذلك فيه في مظنة التكسب، فكان في مظنة الغنى. ولا يشترط البلوغ ولا العقل فيمن تجب النفقة عليه، بل يجب على الصبي والمجنون، نفقة قريبهما إذا كانا موسرين؛ لأنها من الحقوق المالية فتجب عليهما، كأرش جنايتهما.
فصل:
ومن كان له أب، لم تجب نفقته على غيره؛ لأن الله تعالى أمر الآباء أن يعطوا