جرعة بعد جرعة، فعلى قول ابن حامد: هو رضعة واحدة، لما ذكرنا في الرضاع. وإن حلبت امرأتان في إناء واحد، وسقتاه صبيًا في خمسة أوقات، صار ابنهما؛ لأن ذلك لا يزيد على اللبن المشوب، وهو ينشر الحرمة.
فصل:
واللبن المشوب كالمحض في نشر الحرمة. ذكره الخرقي. وهذا إذا كانت صفات اللبن باقية، فإن صب في ماء كثير لم يتغير به، لم يثبت التحريم؛ لأن هذا لا يسمى لبنًا مشوبًا، ولا ينشز عظمًا، ولا ينبت لحمًا. وقال أبو بكر: قياس قول أحمد، أن المشوب لا ينشر الحرمة؛ لأنه وجور. وحكي عن ابن حامد: إن غلب اللبن، حرم، وإن غلب خلطه، لم يحرم؛ لأن الحكم للأغلب، ويزول حكم المغلوب، والأول أصح؛ لأن ما تعلق الحكم به غالبًا، تعلق به مغلوبًا، كالنجاسة، والخمر. وسواء شيب بمائع، كالماء، والعسل، أو بجامد، مثل أن يعجن به أقراص، ونحوها؛ لأنه مشوب.
فصل:
ويحرم لبن الميتة؛ لأنه لبن آدمية ثابت على ولد، فأشبه لبن الحية. وقال الخلال: لا ينشر الحرمة؛ لأنه معنى تتعلق به الحرمة في الحياة، فلم تتعلق في حال الموت، كالوطء، وإن حلبته في إناء ثم سقي منه صبي بعد موتها، كان حكمه كحكم ما لو سقي في حياتها؛ لأنه انفصل عنها في الحياة.
فصل:
ولا تثبت الحرمة بلبن البهيمة؛ لأن الأخوة فرع على الأمومة، ولا تثبت الأمومة بهذا الرضاع، فالأخوة أولى. ولا تثبت بلبن رجل؛ لأنه لا يجعل غذاء للمولود، فأشبه لبن البهيمة. ولا بلبن خنثى مشكل؛ لأنه لا يعلم أنه امرأة، فلا يثبت التحريم بالشك. وقال ابن حامد: يقف الأمر حتى ينكشف أمر الخنثى، فإن أيس من انكشافه بموت أو غيره، ثبت الحل، لما ذكرنا، وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل، فقال أبو الخطاب: نص أحمد على أنه لا ينشر الحرمة؛ لأنه نادر، أشبه لبن الرجل. وذكر ابن أبي موسى فيه روايتين:
إحداهما: ينشر الحرمة؛ لأنه لبن آدمية، أشبه لبن ذات الحمل، وهذا قول ابن حامد لأنه جعل لبن الخنثى موقوفًا. ولو كان تقدم الحمل شرطًا في التحريم، لما وقف أمره؛ لأننا تيقنا عدمه.
فصل:
وإذا ثاب للمرأة لبن من غير حمل، وقلنا: إنه ينشر الحرمة، فأرضعت به طفلًا،