فصل:

ومن أراد بيع أمته ولم يكن يطؤها، لم يلزمه استبراؤها؛ لأنه قد حصل يقين براءتها منه. فإن كان يطؤها، ففيه روايتان:

إحداهما: يجب؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنكر على عبد الرحمن بن عوف حين باع جارية له كان يطؤها قبل استبرائها. قال: ما كنت لذلك بخليق، ولأن فيه حفظ مائه وصيانة نسبه، فوجب عليه، كالمشتري.

والثانية: لا يجب؛ لأنه يجب على المشتري، فأغنى عن استبراء البائع. فأما إن أراد تزويجها، أو تزوج أم ولده، لم يجز قبل استبرائها؛ لأن الزوج لا يلزمه استبراؤها. فإذا لم يستبرئها السيد، أفضى إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب. وله تزويج أمته التي لا يطؤها من غير استبراء؛ لأنها ليست فراشًا له.

فصل:

وإن مات عن أم ولده، لزمها الاستبراء؛ لأنها صارت فراشًا، وتستبرأ كما تستبرأ المسيبة؛ لأنه استبراء بملك اليمين. وعنه: تستبرأ بأربعة أشهر وعشر، لما روي عن عمرو بن العاص أنه قال: «لا تفسدوا علينا سنة نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر» ، ولأنه استبراء الحرة من الوفاة، فلزمها أربعة أشهر وعشر، كعدة الزوجة. والصحيح الأول، لما ذكرناه. وخبر عمرو لا يصح، قاله أحمد.

فصل:

وإن مات عنها، أو أعتقها وهي مزوجة، أو معتدة، لم يلزمها استبراء؛ لأنه زال فراشه عنها قبل وجوب الاستبراء، فلم يجب، كما لو طلق امرأته قبل الدخول. وإن مات بعد عدتها، لزمها الاستبراء؛ لأنها عادت إلى فراشه. وقال أبو بكر: لا يلزمها استبراء إلا أن يعيدها إلى نفسه؛ لأن الفراش زال بالتزويج، فلا يعود إلا بإعادتها إلى نفسه. فإن مات زوجها وسيدها، ولم يعلق السابق منهما، فعلى قول أبي بكر: عليها بعد موت الآخر منهما عدة الحرة من الوفاة؛ لأنه يحتمل أن سيدها مات أولًا، ثم مات زوجها وهي حرة، فلزمتها عدة الحرة، لتبرأ بيقين. وعلى القول الأول: إن كان بينهما دون شهرين وخمسة أيام، فليس عليهما بعد الآخر منهما، إلا عدة الحرة من الوفاة؛ لأن الاستبراء لا يحتمل الوجوب بحال، لكون موت سيدها إن كان أولًا، فقد مات وهي مزوجة، وإن كان آخرًا، فقد مات وهي معتدة، ولا استبراء عليها في الحالين. وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015