أسلمت حلت بغير استبراء ثان، للخبر، ولأن الاستبراء يراد لبراءة الرحم، ولا يختلف ذلك بالحل والحرمة. وإن أسلمت قبل الاستبراء، لزمه استبراؤها، للخبر والمعنى.

فصل:

ولا يصح الاستبراء حتى يملكها؛ لأن سببه الملك فلم يتقدم عليه، كما لا تتقدم العدة الفرقة. فإن استبرأها في مدة الخيار، صح؛ لأن الملك ينتقل بالبيع. وإن قلنا: لا ينتقل حتى ينقضي الخيار، لم يصح الاستبراء فيه. وهل يشترط القبض لصحة الاستبراء؟ على وجهين:

أحدهما: يشترط، فلو حاضت بيد البائع بعد البيع، لم يصح الاستبراء؛ لأن المقصود معرفة براءتها من ماء البائع، ولا يحصل ذلك مع كونها في يده.

والثاني: يصح؛ لأن سببه الملك وقد وجد، فيجب أن يعقبه حكمه. وإن اشترى عبده التاجر أمة فاستبرأها، ثم أخذها السيد، لم تحتج إلى استبراء؛ لأن ما في يد عبده ملكه. وإن اشترى مكاتبه أمة، ثم صارت إلى السيد لعجزه، أو قبضها من نجوم كتابته، لم تبح بغير استبراء؛ لأنه يتجدد ملكه بأخذها من مكاتبه، إلا أن يكون ذا رحم محرم للمكاتب، فيحل؛ لأن حكمها حكم المكاتب، وإن رق رقت، وإن عتق عتقت. والمكاتب مملوك، فلو كاتب أمته ثم عجزت، أو رهنها ثم فكها، أو ارتدت ثم أسلمت، أو ارتد سيدها ثم أسلم، حلت بغير استبراء؛ لأنه لم تخرج عن ملكه، وإنما حرمت بعارض زال، فأشبه ما لو أحرمت ثم حلت.

فصل:

وإن باعها السيد، ثم ردت عليه بفسخ أو مقايلة بعد قبض المشتري لها وافتراقهما، وجب استبراؤها؛ لأنه تجديد ملك يحتمل اشتغال الرحم قبله، فأشبه ما لو اشتراها. وإن كان قبل افتراقهما، ففيه روايتان:

إحداهما: يجب استبراؤها؛ لأنه تجديد ملك، فأشبه شراء الصغيرة.

والثانية: لا يجب؛ لأن تيقن البراءة معلوم، فأشبه الطلاق قبل الدخول. وإن زوجها سيدها ثم طلقت قبل الدخول، لم يجب استبراؤها؛ لأن ملكه لم يتجدد عليها. وإن فارقها بعد الدخول، أو مات عنها، لم تحل حتى تقضي العدة.

فصل:

وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها زوجها قبل الدخول، وجب استبراؤها؛ لأنه تجديد ملك، وإن طلقها بعد دخوله بها، أو مات عنها، فعن أحمد: ما يدل على أنه يكتفي بعدتها؛ لأن براءتها تعلم بها. وقال أبو الخطاب: فيها وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015