يحرمها على التأبيد، كالنكاح بلا ولي. وقد روي أن عليًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إذا انقضت عدتها، فهو خاطب من الخطاب، يعني الزوج الثاني. فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع إلى قول علي. قال الخرقي: وله أن ينكحها بعد انقضاء العدتين، فعلى هذا كل معتدة من وطء في نكاح فاسد، أو وطء شبهة، لا يجوز للواطئ، ولا لغيره نكاحها حتى تنقضي عدتها؛ لأنها معتدة من وطء في غير ملك، فحرمت قبل انقضاء عدتها، كالزانية. ويحتمل أن يباح للواطئ نكاحها في كل موضع يلحقه النسب؛ لأن العدة إنما وضعت لصيانة الماء، وحفظًا للنسب عن الاشتباه. والنسب هاهنا لاحق، فلم يمنع الواطئ نكاحها، كالمعتدة من نكاحه الصحيح.
فصل:
وإن وطئت المعتدة بشبهة، أو زنا فلم تحمل، أتمت عدة الأول، ثم اعتدت للثاني؛ لأنها لم تصر فراشًا. وإن حملت من الثاني، أو أشكل الأمر، فالحكم على ما ذكرنا في التي تحمل من زوج ثان.
فصل:
وكل حمل لا يلحق بالزوج، كحمل زوجة الطفل، والخصي والمجبوب وأشباههما لا تنقضي عدتها من الزوج به؛ لأننا تبينا أنه ولد لغيره، فلم تنقض به عدة الزوج، كما لو علمنا الواطئ. وعنه: أن عدة زوجة الصغير تنقضي بوضع الحمل. وذكر أصحابنا في التي ولدت بعد أربع سنين، منذ فارقها زوجها: أن عدتها تنقضي به في وجه، والصحيح الأول، لما ذكرنا، ولأننا إن نعلم الواطئ، فالمرأة تعلمه، فلم يسقط عنها الاعتداد، لجهلنا بعينه، كما لو أقرت. فعلى هذا تنقضي عدة الأول بوطء الثاني، وتنقضي عدة الثاني بوضع الحمل. فإذا وضعته، بنت على عدة الأول على ما ذكرنا. وإن كانت حين موت زوجها حاملًا، انقضت عدتها بوضعه من الواطئ، ثم تعتد عن الزوج بأربعة أشهر وعشر.
فصل:
إذا طلق الزوج زوجته طلاقًا رجعيًا، فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانيًا، بنت على ما مضى من العدة؛ لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء ولا رجعة، فأشبه الطلقتين في وقت واحد. وإن طلق العبد زوجته الأمة طلقة، ثم أعتقت، وفسخت النكاح، بنت على العدة كذلك. وإن طلق الرجل زوجته، ثم ارتجعها ثم طلقها قبل وطئها، ففيه وجهان: