من حين ينقطع خبره؟ على وجهين:

أحدهما: من حين ضربها الحاكم؛ لأنها مدة ثبتت بالاجتهاد فافتقرت إلى حكم الحاكم، كمدة العنة.

والثاني: من حين انقطع خبره؛ لأن ذلك ظاهر في موته، فأشبه ما لو قامت به بينة. وهل يفتقر بعد انقضاء العدة إلى أن يطلقها وليه؟ فيه وجهان:

أحدهما: يعتبر؛ لأن ذلك يروى عن عمر وعلي.

والثاني: لا يفتقر؛ لأن الحكم بتقدير المدة حكم بالموت بعد انقضائها، ولهذا اعتدت عدة الوفاة، وقول عمر فقد خالفه قول ابن عباس وابن عمر.

فصل:

فإن قدم المفقود قبل تزوجها، فهي زوجته؛ لأننا تبينا حياته، فأشبه ما لو شهد بموته شاهدان، وتبين أنه حي. وإن قدم بعد تزوجها، وقبل دخوله بها، فكذلك لما ذكرناه وقيل عنه: إن حكمها حكم المدخول بها، والصحيح الأول. وإن قدم بعد دخول الثاني بها، خير بينها وبين صداقها، لإجماع الصحابة عليه. فإن اختارها، فهي زوجته بالعقد الأول، ولم يحتج الثاني إلى طلاق؛ لأننا بينا بطلان عقده. وإن اختار صداقها، فله ذلك، ويأخذ من الثاني صداقها الذي ساق إليها الأول. اختاره أبو بكر؛ لأن عليًا وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قالا: يخير بينها وبين صداقها الذي ساق. ولأن الثاني أتلف المعوض، فرجع عليه بالعوض، كشهود الطلاق إذا رجعوا عنه. وعنه: يرجع بالصداق الآخر؛ لأنه بذل عوضًا عما هو مستحق للأول، فكان أولى به. وهل يرجع الثاني على المرأة ما غرمه للأول؟ على روايتين. وتكون زوجة الثاني من غير تجديد عقد؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لم ينقل عنهم أمر بتجديد العقد، والقياس أن يلزمه تجديد العقد؛ لأننا تبينا بطلان ما مضى من عقده بحياة صاحبه، ولذلك ملك أخذها منه، فعلى هذا الوجه، الأول يؤمر بطلاقها، ثم يعقد عليها الثاني عقدًا. وإن رجع الأول بعد موت الثاني، ورثت، واعتدت، ورجعت إلى الأول، قضى بذلك عمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. رواه الجوزجاني في ((المترجم)) . وقال أبو الخطاب: قياس المذهب أنا إن حكمنا بوقوع الفرقة ظاهرًا وباطنًا، فهي زوجة الثاني، ولا خيار للأول، ولا ينفذ طلاقه لها، ولا يتوارثان إذا مات أحدهما. فإن لم يحكم بوقوعها باطنًا، فهي زوجة الأول بكل حال، ووطء الثاني لها وطء بشبهة.

فصل:

فإن اختارت امرأة المفقود الصبر حتى يتبين أمره، فلها النفقة والمسكن أبدًا، سواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015