قال: «طلاق الأمة طلقتان، وقرؤها حيضتان» رواه أبو داود. وعن عمر وعلي وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أنهم قالوا: عدة الأمة حيضتان، وفي القروء روايتان:
إحداهما: الحيض، لهذا الخبر، وقول الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ ولقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «تدع الصلاة أيام أقرائها» رواه أبو داود. وقال لفاطمة بنت أبي حبيش: «فإذا أتى قرؤك فلا تصلي. وإذا مر قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء» رواه النسائي؛ ولأنه معنى يستبرأ به الرحم، فكان بالحيض كاستبراء الأمة؛ ولأن الله تعالى جعل العدة ثلاثة قروء، فالظاهر أنها تكون كاملة؛ ولا تكون العدة ثلاثة قروء كاملة إلا إذا كانت الحيض. ومن جعل القروء الأطهار، لم يوجب ثلاثة كاملة؛ لأنه يعد الطهر الذي طلقها فيه قرءًا.
والثانية: القروء: الأطهار؛ لقول الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أي في عدتهن، وإنما يطلق في الطهر. فإذا قلنا: هي حيض، لم يحتسب بالحيضة التي طلقها فيها، ولزمها ثلاث حيض مستقبلة، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فيتناول الكاملة. وإن قلنا هي الأطهار، احتسب بالطهر الذي طلقها فيه قرءًا، ولو بقي منه لحظة؛ لقوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أي: في عدتهن، وإنما يكون من عدتهن إذا احتسب به؛ ولأن الطلاق إنما جعل في الطهر دون الحيض، كيلا يضر بها، فتطول عدتها، ولو لم يحتسب بقية الطهر قرءًا، لم تقصر عدتها بالطلاق فيه. فإن لم يبق من الطهر بعد الطلاق جزء، بأن وافق آخر لفظه آخر الطهر، أو قال: أنت طالق في آخر طهرك، كان أول قرئها الطهر الذي بعد الحيض؛ لأن العدة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. ومتى قلنا: القرء: الحيض. فآخر عدتها انقطاع الدم في الحيضة الثالثة؛ لأن ذلك آخر القروء. وعنه: لا تنقضي عدتها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، اختاره الخرقي؛ لأنه يروى عن الأكابر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، منهم أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبادة وأبو موسى وأبو الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وإن قلنا: القروء: الأطهار. فآخر العدة آخر الطهر.