في المتلاعنين، أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبداً» . رواه الجوزجاني. ولأنه تحريم لا يرتفع قبل الجلد والتكذيب، فلم يرتفع بهما، كتحريم الرضاع. وقد روى عنه حنبل: أنه إذا أكذب نفسه عاد فراشه كما كان وهذه الرواية شذ بها عن سائر أصحابه.
قال أبو بكر: والعمل على الأول. وإن لاعنها في نكاح فاسد، أو بعد البينونة لنفي نسب، ثبت التحريم المؤبد؛ لأنه لعان صحيح، فأثبت التحريم، كاللعان في النكاح الصحيح. ويحتمل أنه لا يثبت التحريم؛ لأنه لم يرفع فراشاً، فلم يثبت تحريماً، كغير اللعان.
ولو لاعنها في نكاح صحيح وهي أمة، ثم اشتراها، لم تحل له؛ لأنه وجد ما يحرمها على التأبيد، فلم يرتفع بالشراء، كالرضاع.
فصل:
ولا تثبت هذه الأحكام إلا بكمال اللعان، إلا سقوط الحد وما قام مقامه، فإنه يسقط بمجرد لعانه. فإن مات أحدهما قبل كماله منهما، فقد مات على الزوجية؛ لأن الفرقة لم تحصل بكمال اللعان، ويرثه صاحبه كذلك، ويثبت النسب؛ لأنه لم يوجد ما يسقطه.
فإن كان الميت الزوج، فلا شيء على المرأة. وإن ماتت المرأة قبل لعان الزوج، وطلبها بالحد، فلا لعان؛ لأن الحد لا يورث. وإن ماتت بعد طلبها، قام وارثها مقامها في المطالبة، وله اللعان لإسقاط الحد.
فصل:
وإن أكذب نفسه بعد كمال اللعان، لزمه الحد إن كانت محصنة، والتعزير إن كانت غير محصنة، ويلحقه النسب؛ لأنهما حق عليه، فيلزمانه بإقراره بهما، ولا يعود الفراش، ولا يرتفع التحريم المؤبد؛ لأنهما حق له، فلا يعودان بتكذيبه.
فصل:
فإن لاعن الزوج ونكلت المرأة عن اللعان، فلا حد عليها؛ لأن زناها لم يثبت، فإنه لو ثبت زناها بلعان الزوج، لم يسمع لعانها، كما لو قامت به البينة، ولا يثبت بنكولها؛ لأن الحد لا يقضى فيه بالنكول؛ لأنه يدرأ بالشبهات، والشبهة متمكنة منه، ولكن تحبس حتى تلتعن، أو تقر.
قال أحمد: أجبرها على اللعان، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 8] فإن لم تشهد، وجب أن لا يدرأ عنها العذاب وعنه: يخلى سبيلها، وهو اختيار أبي بكر؛ لأنه لم يثبت عليها ما يوجب الحد، فيخلى سبيلها، كما لو لم تكمل البينة. وإن صدقته فيما قذفها به، لم يلزمها الحد حتى تقر أربع مرات؛ لأن الحد لا يثبت بدون إقرار أربع، على ما