ولأن اللعان بني على التغليظ، للردع والزجر، وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك.
والثالث: أن يعظهما الحاكم بعد الرابعة ويخوفهما، كما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث ابن عباس.
والرابع: أن يضع رجل يده على فيّ الملاعن بعد الرابعة، يمنعه المبادرة إلى الخامسة، إلى أن يعظه الحاكم، ثم يرسلها، وتفعل امرأة بالملاعنة بعد رابعتها كذلك، لما روى ابن عباس في خبر المتلاعنين قال: «فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ثم أمر به فأمسك على فيه، فوعظه وقال: ويحك كل شيء أهون عليك من لعنة الله، ثم أرسل فقال: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعا بها فقرأ عليها، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، ثم أمر بها فأمسك على فيها فوعظها، وقال: ويلك كل شيء أهون عليك من غضب الله» . أخرجه الجوزجاني.
فصل:
ولا يسن التغليظ بزمن ولا مكان؛ لأنه لم يرد به أثر، ولا فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنما دل الحديث على أن لعانهما كان في صدر النهار، لقوله في الحديث: فلم يهجه حتى أصبح، ثم غدا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكر الحديث. والغدو إنما يكون أول النهار. وقال أبو الخطاب: يستحب التغليظ بهما، فيتلاعنان بعد العصر، لقول الله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: 106] يعني: بعد العصر، ويكون في الأماكن الشريفة عند المنابر في الجامع، إلا في مكة بين الركن والمقام، وفي المسجد الأقصى عند الصخرة؛ لأنه أبلغ في الردع والزجر، ولله الحمد والمنة.
. وهي أربعة أحكام:
أحدها: سقوط الحد، أو التعزير الذي أوجبه القذف؛ لأن هلال بن أمية قال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها، ولأن شهادته أقيمت مقام بينة مسقطة للحد، كذلك لعانه، ويحصل هذا بمجرد لعانه كذلك. وإن نكل عن اللعان، أو عن