بفيئة المعذور، وهو أن يقول: متى قدرت جامعتها، أو نحو ذلك؛ لأن القصد بالفيئة، ترك ما قصده من الإضرار بما أتى به من الاعتذار، فمتى قدر على الوطء، طولب به؛ لأنه تأخر للعذر. فإن زال العذر، طولب به، كالدين. وهذا اختيار الخرقي. وقال أبو بكر: إذا فاء فيئة المعذور، لم يطالب؛ لأنه فاء مرة، فلم يلزمه فيئة أخرى، كالذي فاء بالوطء، لا يلزمه بالفيئة باللسان كفارة؛ لأنه لم يحنث. وإن كان غائباً لا يمكنه القدوم، لخوف أو نحوه، فاء فيئة المعذور.
وإن أمكنه القدوم، فلها أن توكل من يطالبه بالمسير إليها، أو حملها إليه، أو الطلاق، وإن كان محرماً، فاء فيئة المعذور في قول الخرقي لأنه عاجز عن الوطء، أشبه المريض، ويتخرج في الاعتكاف المنذور مثله.
وإن كان مظاهراً، لم يؤمر بالوطء؛ لأنه محرم. ولا يحل الأمر بمعصية الله. ويقال له: إما أن تكفر، وتفيء، وإما أن تطلق، فإن طلب الإمهال، ليطلب رقبة يعتقها، أو طعاماً يشتريه، أمهل ثلاثة أيام؛ لأنها قريبة.
وإن علم أنه قادر على التكفير، وأن قصده المدافعة. لم يمهل؛ لأن الحق حال عليه، وإنما يمهل للحاجة، ولا حاجة. وإن كان فرضه الصيام، لم يمهل حتى يصوم؛ لأنه كثير. وإن كان قد بقي عليه من الصيام مدة يسيرة، أمهل فيها، ويتخرج أن يفيء المظاهر فيئة المعذور، ويمهل ليصوم كالمحرم، فإن أراد الوطء في حال الإحرام، أو الظهار فمنعته، لم يسقط حقها؛ لأنها منعته مما يحرم، فأشبه ما لو منعته في الحيض. وذكر القاضي: أنه يسقط حقها؛ لأنها منعته من إيفائه. وإن انقضت مدة العاجز، لجب، أو شلل، ففيئته: لو قدرت، لجامعتك؛ لأنه لا قدرة له على غير ذلك.
فصل:
ومن طولب بالفيئة فقال: قد وطئتها فأنكرته، فإن كانت ثيباً فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وعدم ما يوجب إزالته. وهل يحلف؟ على روايتين:
إحداهما: يحلف وهو اختيار الخرقي؛ لأن ما تدعيه المرأة محتمل، فوجب نفيه باليمين.
والأخرى: لا يمين عليه اختاره أبو بكر؛ لأنه لا يقضى فيه بالنكول. وإن كانت بكراً، أريت النساء الثقات، فإن شهدن ببكارتها فالقول قولها؛ لأنه يعلم كذبه، وإلا فالقول قوله. وإن ادعى عجزه عن الوطء، ولم يكن علم أنه عنين، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يقبل قوله؛ لأن الأصل سلامته، فيؤمر بالطلاق.
والثاني: يقبل قوله؛ لأنه لا يعرف إلا من جهته. وإن اختلفا في انقضاء المدة، فالقول قول الزوج؛ لأنه اختلاف في وقت حلفه، فكان القول قوله فيه. وهل يحلف؟