روايتين. فإن قال: أنت طالق وإن دخلت الدار، طلقت؛ لأنه معناه: ولو دخلت، كقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق» . وإن قال: أنت طالق لو دخلت الدار، طلقت؛ لأن "لو" تستعمل بعد الإثبات لغير المنع، كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 76] . وإن قال: أردت الشرط، قُبِلَ؛ لأنه محتمل. وإن قال: أنت طالق أن دخلت بفتح الهمزة، طلقت عند أبي بكر؛ لأن (أن) للتعليل لا للشرط، كقوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: 17] . وقال القاضي: قياس قول أحمد أنه إن كان نحويا، وقع طلاقه لذلك، وإن كان عاميا، فهي للشرط؛ لأن العامي لا يريد بها إلا الشرط، فأجرى عليه حكمه. وحكي عن الخلال: أن النحوي إذا لم يكن له نية، فهو كالعامي.
فصل:
فإن قال: أنت طالق إن شربت، إذا أكلت أو متى أكلت، لم تطلق حتى تشرب بعد الأكل؛ لأن إدخال الشرط على الشرط يقتضي تقديم المؤخر. وإن قال: أنت طالق إن شربت، إن أكلت، فكذلك، لما ذكرناه. وإن قال: أنت طالق إن شربت فأكلت، أو إن شربت ثم أكلت، لم تطلق حتى تأكل بعد الشرب؛ لأنهما حرفا ترتيب. وإن قال أنت طالق إن شربت وأكلت، طلقت بوجودهما على أي صفة؛ لأن الواو للجمع، ولا تقتضي ترتيبا، ولا تطلق بوجود أحدهما؛ لأنها للجمع. وإن قال: أنت طالق إن أكلت، أو شربت، طلقت بوجود أحدهما؛ لأن (أو) تقتضي تعليق الجزاء على واحد من المذكورين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] .
فصل:
إذا قال: إن حضت فأنت طالق، طلقت بأول جزء من الحيض. فإن رأت دما وتبين أنه ليس بحيض، تبين أن الطلاق لم يقع. فإن قالت: قد حضت فكذبها، قبل قولها بغير يمين. وعنه: لا يقبل قولها، ويختبرها النساء بإدخال قطنة في الفرج، فإن ظهر الدم، فهي حائض، وإلا فلا. والمذهب الأول لقول الله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] . فلولا أن قولهن مقبول، ما حرم عليهن كتمانه؛ ولأنه لا يعرف إلا من جهتها. وإن قال: قد حضتِ فأنكرته، طلقت بإقراره. وإن قال: