والثالث: إن كان وجد، قبل؛ لأن احتمال إرادة ذلك شائع، ولا يقبل إن لم يكن وجد؛ لأنه كذب. وإن قال: بعدها طلقة، وقال: أردت طلقة أوقعها فيما بعد، دين. وهل يقبل الحكم؟ على روايتين. وإن قال: أردت بقولي: أنت طالق أنت طالق التأكيد بالثانية، قبل منه؛ لأنه محتمل لما قاله. وإن أطلق، طلقت طلقتين؛ لأنه اللفظ الثاني كالأول، فيقتضي من الوقوع ما اقتضاه الأول، وإن قال: أنت طالق طالق، فهي واحدة؛ لأن اللفظ الثاني لا يصلح وحده للاستئناف، فينصرف إلى التأكيد، كقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فنكاحها باطل باطل» . وإن قصد بالثاني الإيقاع، طلقت طلقتين، ويقدر له ما يتم الكلام به. وإن قال: أنت طالق وطالق وطالق، فهي ثلاث. فإن قال: أردت بالثانية التوكيد، دين، ولم يقبل في الحكم؛ لأنه غاير بينهما بحرف. وإن أراد بالثالثة التوكيد، قبل في الحكم؛ لأنها مثل الثانية في لفظها، وكذلك إذا قال: أنت طالق، فطالق، فطالق، أو طالق ثم طالق، ثم طالق. وإن قال: أنت طالق وطالق، فطالق، أو طلق فطالق ثم طالق، وقال: أردت التوكيد، لم يقبل؛ لأنه غاير بين الحروف. وإن غاير بين الألفاظ فقال: أنت مطلقة، أنت مسرحة، أنت مفارقة، وقال: أردت بالثانية والثالثة التوكيد، قبل؛ لأنه لم يغاير بين الحروف العاملة في الكلام، بخلاف التي قبلها.
يصح الاستثناء في الطلاق؛ لأنه لغة العرب، ونزل به القرآن. وقال أبو بكر: لا يصح في عدد الطلقات؛ لأنه لا سبيل إلى رفع الواقع منها، والمذهب الأول؛ لأنه استثناء في الطلاق، فجاز، كما في عدد المطلقات، وليس الاستثناء رفعا لواقع، إذ لو كان كذلك، لم يصح في الإقرار، ولا في عدد المطلقات. وإنما يمنع دخول المستثنى، من الدخول في المستثنى منه، ولا يصح استثناء الكل، ولا الأكثر. وفي استثناء النصف وجهان، لما نذكره في الإقرار. فإذا قال: أنت طالق ثلاثا، إلا ثلاثا، أو إلا طلقتين، طلقت ثلاثا. وإن قال: أنت طالق ثلاثا إلا طلقة وطلقتين، أو إلا طلقة وطلقة، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح الاستثناء؛ لأن العطف بالواو، يجعل الجملتين جملة واحدة، فيكون مستثنيا للأكثر، أو الكل.