قبل لأنه يحتمل ما قاله. وإن قال: أنت طالق ملء الدنيا، أو أشد الطلاق، أو أغلظه، أو أطوله أو أعرضه، طلقت واحدة؛ لأن ذلك لا يقتضي عددا، والطلقة الواحدة توصف بكونها ملء الدنيا، ذكرها وإنها أشد الطلاق عليها، لضررها به، فلم يقع الزائد بالشك. فإن نوى ثلاثا وقعت؛ لأن اللفظ يحتملها.
فصل:
وإن قال: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث، طلقت طلقتين؛ لأن ما بعد الغاية لا يدخل فيها بمقتضى اللفظ، وإن احتمل دخوله، لم نوقعه بالشك. وعنه: تطلق ثلاثا؛ لأن ما بعد "إلى" قد يدخل مع ما قبلها، كقوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] .
فصل:
وإن قال: أنت طالق طلقة في طلقتين ونوى الثلاث، وقع؛ لأن (في) تستعمل في بمعنى (مع) كقوله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] وإن نوى واحدة، لم يقع أكثر منها؛ لأنه إنما أوقع واحدة. وإن أطلق ولا يعرف الحساب، وقعت واحدة، فتطلق بقوله: أنت طالق، ولا يقع بقوله: في ثنتين - شيء؛ لأنه لا يعرف مقتضاه، ويحتمل أنه إن كان في عرفهم استعمال ذلك للثلاث، طلقت ثلاثا؛ لأن الظاهر إرادة ما تعارفوه. فإن نوى موجبه في الحساب، احتمل أن تكون نيته كعدمها. قاله القاضي. واحتمل أن تطلق طلقتين. وهذا قول ابن حامد، ووجه القولين ما ذكرنا فيما إذا نوى العجمي بلفظ الطلاق موجبه عند العرب، فإن كان يعرف الحساب، وقع طلقتان؛ لأن ذلك موجبه عندهم. وإن لم ينو فقال أبو بكر: يقع طلقتان؛ لأنه موضوعه عندهم، ويحتمل أن تقع واحدة، لما ذكرنا في غير الحاسب.
فصل:
فإن قال: أنت طالق طلقة، بل طلقتين، وقع طلقتان. نص عليه؛ لأن ما لفظ به بعد الإضراب يدخل فيه ما لفظ قبله، فلم يلزمه أكثر منه. كما لو قال: له علي درهم، بل درهمان. وإن قال: أنت طالق طلقة، بل طلقة، طلقت واحدة، كما لو قال: له علي درهم، بل درهم. وهكذا إن قال: أنت طالق، بل أنت طالق. نص عليه. ويحتمل أن يقع طلقتان. وإن نوى به طلقتين، وقع طلقتان؛ لأنه قصد إيقاع طلقتين بلفظين. وإن قال: أنت طالق، بل هذه الأخرى، طلقتا معا؛ لأنه أوقعه بكل واحدة