قلنا: إنما تناولهما عند ذلك لإطلاق لفظ النكاح في الإذن، واللفظ المطلق يجري على إطلاقه وفيما نحن فيه ليس فيه اللفظ حتى يثبت فيه إطلاق اللفظ بل يثبت النكاح ضرورة ثبوت المقتضى، فلذلك انصرف ذلك النكاح الثابت بطريق الاقتضاء إلى ما هو المعهود في الشرع لا على الإطلاق والتعميم، والنكاح المعهود في الشرع هو النكاح الذي يوجب الإرث وهو النكاح الصحيح لا الفاسد مع أن الإمام شمس الأئمة- رحمه الله- في أحد الوجهين أثبت النكاح في مسألة الكتاب بطريق الدلالة لا بطريق الاقتضاء، فقال: ثبوت النكاح هاهنا بدلالة النص لا بمقتضاه، فإن الولد اسم مشترك إذ لا يتصور ولد فينا إلا بوالد ووالدة، فالتنصيص على الولد يكون تنصيصا على الوالد والوالدة دلالة بمنزلة التنصيص على الأخ يكون كالتنصيص على أخيه؛ إذ الأخوة لا تتصور إلا بين شخصين، وقد بينا أن الثابت بدلالة النص يكون ثابتًا بمعنى النص لغة لا أن يكون ثابتًا بطريق الاقتضاء.
وجعل الإمام القاضي أبو زيد- رحمه الله- ثبوت النكاح هاهنا بطريق الإشارة لا بالدلالة ولا بالاقتضاء ذكره في "التقويم" ثم قال: وهذه "أي الإشارة والدلالة والاقتضاء" حدود متشابهة ما يميز بينهما إلا الفهم المنصف، ثم قال: وشيء منها لا يحتمل الخصوص، أما المقتضى فلأنه لا عموم له.
وأما الدلالة فلأنها تعم بحسب عموم العلة، والعلة بعد ما ثبتت علة لا