ألا ترى أن محل الإقامة شرط لصحة الإقامة قصدًا حتى لا تصح في المفازة، ولو ثبتت الإقامة ضمنًا يشترط محل الإقامة للمتضمن كالجندي يصير مقيمًا في المفازة بدخول الإمام في المصر فاعتبر في البيع شرط الأصل، فكذلك هاهنا يثبت بشرط العتق حتى لا يشترط فيه ما يشترط في البيع القصدي من القبول وغيره، وكذلك لو كان الآمر ممن لا يملك الإعتاق كالصبي لم يثبت البيع بهذا الكلام ولو صرح المأمور بأن قال: بعته منك بألف وأعتقته لم يجز عن الآمر؛ لأنه لم يقع هذا جوابًا لكلامه، بل كان ابتداء، ووقع العتق عن نفسه؛ لأن الآمر ما أمره ببيع مقصود، وإنما أمره ببيع ثابت ضرورة العتق، فإذا أتى به مقصودًا لم يأت بالذي أمره فوقع عنه ولم يقع عن الآمر.
وكذلك من قال لامرأته: حجي ونوى الطلاق لم يصح، وإن اقتضى الحج ذهابًا؛ لأنه اقتضاه ضرورة أن الحج لا يتصور إلا بذهاب، وثبت ذهاب لتصحيح الحج لا ذهاب مطلق، وذهاب الحج لا يحتمل معنى الطلاق.
(ولهذا قال أبو يوسف- رحمه الله-) أيضًا لقوله: "حتى يثبت بشروط العتق" الذي هو المقتضي لا بشروط الهبة التي هي المقتضى.