عقوبة تندرئ بالشبهات.
وقوله: "فأما الجسم ففرع" لا يريد به أن البدن غير داخل في معنى الإنسان، وإنما أراد- والله أعلم- أن مجرد الجسم بدون الطبائع بمنزلة الفرع.
وأما الروح فلا يقبل الجناية؛ لأنه غير محسوس، وليس بمعنى مكانه حتى يتصور القصد إليه بالجناية، ومعنى الإنسان خلقه بدمه وطبائعه لما عرف أن الإنسان إنسان بصورته ومعناه لا بمعناه دون صورته كما ذهب إليه الفلاسفة.
كذا ذكره الإمام بدر الدين الكردري- رحمه الله- وأراد بالطبائع الطبائع الأربع وهي: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة؛ فلا تتكامل الجناية على معنى الإنسان الذي هو عبارة عنها لا يخرج بذلك دمًا، فإذا أراد دمه على وجه أثر ذلك في الظاهر والباطن كان قصدًا منه على إهلاك معنى الإنسان وكان موجبًا للقصاص، وإنما ذكر القصد؛ لأن القصاص لا يجب بدون القصد إلى إهلاكه وإن أراق دمه حتى هلك.
وإنما شرطنا هذا المجموع وهو إراقة الدم بالجرح على وجه يفضي إلى الهلاك والقصد فيه لكي يكون هذا القتل مثلًا للقتل الذي يستوفى به القصاص، فإن هذا المجموع شرط فيه بالاتفاق، فيجب أن يكون في القتل الذي هو سببه أيضًا شرطًا حتى يحصل التماثل بينهما لما أن النص ورد به