يلزم من عدم جواز الإباحة في الثوب عدم جواز الإباحة في الطعام، لما أنهما يختلفان في تحصيل المقصود عند الإباحة.
والأولى في هذا أن يقال ما قال شيخي- رحمه الله- في معنى قوله: "لأن الإعارة في الثياب منقضية قبل الكمال" وهو أن الكفارة إنما تقع كاملة إذا خرج العين الذي يكفر به عن ملك المكفر، وحصل سد خلة الفقير عنده، فلذلك لا يتحقق في إعارة الثوب وإباحته؛ لأن المكفر إذا أعار الثوب للفقير إلى أن يبلى ويهلك في يده حينئذ خرج ذلك العين عن ملك المالك المكفر، وعند ذلك تتجدد حاجة الفقير، ولا يخرج المكفر عن عهدة الكفارة به؛ لأن ركن الكفارة على ما ذكرنا لم يوجد بخلاف الإطعام، فإن عين الطعام يخرج عن ملك المكفر إذا أكل الفقير، وبه يقضي حاجة الفقير، ولذلك وقع الفرق بين إباحة الطعام وإعارة الكسوة وإباحتها.
(فهما في طرفي نقيض) أي إباحة الطعام وإعارة الثوب على ما بينا من قضاء حاجة الفقير في إباحة الطعام، وتجدد حاجته في إعارة الثوب عند انقضاء الثوب، أو أراد بطرفي نقيض الإطعام والكسوة؛ لما أن الإطعام فعل والكسوة عين، والفعل مع اللافعل نقيضان، فكيف يقاس أحدهما بالآخر؟
(وكان قول الشافعي في قياس الطعام بالكسوة في الفرع والأصل معا غلطًا).
أما في الفرع فظاهر؛ لأن الكفارة في الفرع الذي هو الإطعام اسم للفعل