الكف عن هذه الأشياء المذكورة في الآية ثبت بخطاب واحد، فكان الكل كشيء واحد لما عرف أن الأمرين المختلفين فصاعدًا لا يجوز أن يراد بلفظ واحد لما ذكرنا في المشترك، إلا أن يجعل الأشياء المختلفة واحدة في المعنى فحينئذ يراد باللفظ الواحد. كالأشياء المختلفة والمتضادة يتناولها اسم الشيء، إذًا الكل في معنى الشيئية وهو الوجود واحد، (فلم يكن للجماع اختصاص ولا مزية)، فلذلك قلنا: إن الكفارة إذا وجبت بالجماع وجبت بالأكل والشرب لكونها واحدة تقديرًا.

ألا ترى أن غسل جميع اليدين لما وجب بخطاب واحد وهو قوله {فاطهروا} صار جميع اليدين كعضو واحد حتى جاز نقل البلة من عضو إلى عضو بخلاف الوضوء، فإن نقل البلة من اليد إلى الرجل ومن الوجه إلى اليد لا يجوز؛ لأن كل واحد من هذه الأعضاء ثبت بخطاب على حدة، ولا يلزم أن الصلاة وجبت بخطاب واحد والأركان فيها متفاوتة في القوة والضعف، فإن السجدة أقوى من الركوع والقيام؛ لأنا نقول: إن الأصل فيه ما ذكرنا. إلا إذا قام الدليل على مزية البعض، وفي الصلاة قام الدليل على مزية البعض، فإن من سقط عنه السجود سقط عنه القيام والركوع، وإن كان قادرًا عليهما، ولأن الصلاة عبادة والعباد تنبئ عن التذلل والتواضع، يقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015