الربا فكان الربا مذمومًا بكل حال لحرمته، ثم إن الكفرة القائلين بتسوية البيع مع الربا في الحل جعلوا الربا بمنزلة الأصل في الحل، والبيع بمنزلة التبع في الحل حيث جعلوا الربا المقياس عليه في الحل والبيع بمنزلة المقياس فيه، فكان الربا في الحل أبلغ من البيع في اعتقادهم حيث قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} ولم يقولوا: إنما الربا مثل البيع، وكان هذا منهم غاية العناد والمكابرة، فإنهم يعلمون حرمة الربا في الأديان الماضية، ومع ذلك قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} مبالغين في حل الربا بالنسبة إلى حل البيع، فكان ذلك منهم معاندة، وإنما قلنا: إنهم كانوا يعلمون حرمة الربا؛ لأن حرمته كانت مشهورة في الأديان الماضية بدليل قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}
وكان شيخي- رحمه الله- يقول: في هذه الآية دليل على أن القياس حجة؛ لأن الله تعالى رد عليهم وجود شرط صحة قياسهم، وهو المماثلة، ولم يرد قياسهم، فقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} يعني فأنى يتساويا، فقد نفي المساواة التي هي شرط صحة القياس، ولم يقل: قالوا إنما البيع مثل الربا فقد قاسوا، والقياس ليس بحجة.