قذفًا للغير، وأخذنا بقوله لأنه إن تصور معنى القذف بهذا اللفظ فهو بطريق المفهوم والمفهوم ليس بحجة (بخلاف من قذف رجلًا بالزنا فقال آخر: هو كما قلت)؛ لأن فيه كاف التشبيه وهو يوجب العموم عندنا في المحل الذي يحتمله، ولهذا قلنا في قول علي رضي الله عنه: "إنما أعطيناهم الذمة، وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا": إنه مجرى على العموم فيما يندرئ بالشبهات، وما يثبت مع الشبهات، فهذا الكاف أيضًا موجبه العموم؛ لأنه حصل في محل يحتمله، فيكون نسبة له إلى الزنا قطعًا بمنزلة كلام الأول.

وهذا مثل من قال لآخر: أشهد أنك زان، فقال الآخر: وأنا أشهد أيضًا. لا حد على الآخر؛ لأن قوله: "أشهد" كلام محتمل فلا يتحقق به القذف إلا أن يقول: أنا أشهد عليه بمثل ما شهدت به، فحينئذ يكون قاذفًا له؛ كذا في "مبسوط" الإمام شمس الأئمة- رحمه الله- وأصول فقهه. والله أعلم بالصواب.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015